يأتينا بعض الضيوف، وفيهم من له وجاهة ومكانة بين الناس، فهل يجوز لنا أن نخصهم بمزيد اهتمام، وأن نقدم لهم طعاما أكثر من غيرهم ؟
التمييز بين الضيوف في المجلس والطعام
السؤال: 316054
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
تخصيص الغني بطعام أو مجلس يميّز به عن بقيّة الضيوف الذين معه في المجلس، هذا التصرف يؤول إلى عكس الهدف من الضيافة وهو الإكرام والإحسان.
وتصير هذه الضيافة سبيلا إلى الإهانة وإدخال الحزن على هؤلاء الضيوف.
قال ابن العربي رحمه الله تعالى، عن التمييز بين الأغنياء والفقراء في المجالس أثناء دعوة الطعام:
" فإن هذا كسر لنفوسهم، وإثم يدخل عليه من جهتهم، فلا يفي إشباعهم بجفائهم " انتهى من "عارضة الأحوذي" (5 / 9).
ومثل هذا الطعام الذي يُخص به الغني ورد أنه شر الطعام.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ رواه البخاري (5177) ومسلم (1432)، وفي رواية عنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ… .
قال النووي رحمه الله تعالى:
" قوله (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ)، ومعنى هذا الحديث: الإخبار بما يقع من الناس بعده صلى الله عليه وسلم، من مراعاة الأغنياء في الولائم ونحوها، وتخصيصهم بالدعوة، وإيثارهم بطيب الطعام، ورفع مجالسهم وتقديمهم، وغير ذلك مما هو الغالب في الولائم والله المستعان " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (9 / 237).
وقال ابن هبيرة رحمه الله تعالى:
" في هذا الحديث أن الأطعمة على كونها تتساوى في الأسماء والأجناس، وأنها تتفاوت من حيث المعاني ومقاصد أربابها.
فمن صنع طعامًا ليخص به الأغنياء المستغنين عنه، متكلفًا لهم حضورهم إليه، مع تركه من هو أشد منهم حاجة: فذلك منه هو خسران…
لأن الطعام أصل وضعه: أن يجود به من فضل عنه، على من أعوزه، فإذا قلب المعنى فيه وعكست، اختل أصل الوضع " انتهى من"الإفصاح" (6 / 285).
فالحاصل؛ أنه ينبغي على المضيف أن يتجنب هذا التصرف؛ لأنه لا يحتوي على مصلحة شرعية، بل على مفاسد؛ لأنه يؤول إلى إهانة الضيوف وإدخال الحزن على قلوبهم، وتمكين الشيطان من إفساد ذات البين وقطع الأخوة الإسلامية، والتصرف الذي يؤدي إلى مثل هذا ، منع منه الشرع، كما في النجوى؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً، فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ ) رواه البخاري (6290)، ومسلم (2184).
فكل ما يدخل الحزن إلى قلب المسلم : فإن الشريعة تنهى عنه .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب