أريد أن أبيع سيارتي، ولكن لا أريد أن ابيعها بسعرها الحقيقي لكي يستفيد المشتري أكثر، ولكن دون أن أسبب خسارة كبيرة للآخرين عن طريق بيع سلعة للجمهور، وكل مشتري سيحصل على رقم، ويتم السحب على الرقم، والرابح يشتري السيارة بنصف السعر، فما حكم ذلك؟
حكم بيع سيارة بنصف السعر لمن اشترى سلعة أخرى ودخل في السحب وفاز
السؤال: 319813
ملخص الجواب
لا يجوز بيع السيارة بالصورة المذكورة لأنها من صور القمار والميسر، وذلك أن المشتري يدفع مالا في سلعة قد لا يحتاجها، أو يحتاجها لكن يبذل فيها أكثر من ثمنها، على أمل أن يفوز بهذا التخفيض، وقد يحصل له ذلك، وقد لا يحصل، فهنا غُرم محقق وغُنم محتمل، وهذه حقيقة القمار.
Table Of Contents
أولا:
بيع السيارة بأقل من ثمنها لمن يشترى سلعة أخرى ويدخل في السحب
لا يجوز بيع السيارة بالصورة المذكورة لأنها من صور القمار والميسر، وذلك أن المشتري يدفع مالا في سلعة قد لا يحتاجها، أو يحتاجها لكن يبذل فيها أكثر من ثمنها، على أمل أن يفوز بهذا التخفيض، وقد يحصل له ذلك، وقد لا يحصل، فهنا غُرم محقق وغُنم محتمل، وهذه حقيقة القمار.
قال البجيرمي رحمه الله: "والميسر: هو القمار وهو ما يكون فعله مترددا بين أن يغنم وأن يغرم." انتهى من "حاشية البجيرمي على شرح المنهج "(4/ 376).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فهذا الميسر – وهو كل معاملة دائرة بين الغرم والغنم – لا يدرى فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما، كله محرم، بل هو من كبائر الذنوب، ولا يخفى على الإنسان قبحه؛ إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام" انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/ 441).
ثانيا:
حكم الاشتراك في مسابقات السحب
يشترط لجواز الدخول في السحب على جوائز المحلات: ألا يشتري الإنسان السلعة لأجل الجائزة، بل لحاجته إليها، وأن لا تباع بأكثر من ثمنها.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "عندنا في دولة الكويت أنواع من البيوع منتشرة الآن، يقوم التاجر بعرض بضاعته، ويوزع كوبونات على المشترين بحسب قيمة شراء كل واحد، وهذه الكوبونات تدخل في سحب الجوائز، ثم تعمل بعد ذلك قرعة ويفوز بعض الناس بجوائز يوزعها عليهم هذا التاجر، فما حكم ذلك، جزاكم الله خيراً؟.
فأجاب:
"هذا نوع من البيع نخاطب به البائع والمشتري، فنقول للبائع: هل أنت ترفع سعر السلعة من أجل هذه الجائزة أم لا؟ فإن كنت ترفع السعر: فإنه لا يجوز؛ لأنه إذا رفع السعر واشترى الناس منه: صاروا إما غارمين وإما غانمين، إما رابحين وإما خاسرين، فإذا كانت هذه السلعة في السوق – مثلاً – قيمتها عشرة، فجعلها باثني عشر من أجل الجائزة: فهذا لا يجوز؛ لأن المشتري باثني عشر إما أن يخسر الزائد على العشرة، وإما أن يربح أضعافاً مضاعفة بالجائزة، فيكون هذا من باب الميسر والقمار المحرم.
فإذا قال البائع: أنا أبيع بسعر الناس، لا أزيد ولا أنقص: فله أن يضع تلك الجوائز، تشجيعاً للناس على الشراء منه.
ثم نتجه إلى المشتري فنقول له: هل اشتريت هذه السلعة لحاجتك إليها، وأنك كنت ستشتريها سواء كانت هناك جائزة أم لا، أم أنك اشتريتها من أجل الجائزة فقط؟ فإن قال: الأول: قلنا: لا بأس أن تشتري من هذا أو من هذا؛ لأن السعر ما دام أنه كسعر السوق، وأنت ستشتري هذه السلعة لحاجتك: فحينئذ تكون إما غانماً أو سالماً، ففي هذه الحالة لا بأس أن تشتري من صاحب الجوائز.
وأما إذا قال: أنا أشتري، ولا أريد السلعة، وإنما أشتري لأجل أن أحصل على الجائزة: قلنا: هذا من إضاعة المال؛ لأنك لا تدري أتصيب الجائزة أم لا تصيبها.
وقد بلغني أن بعض الناس يشتري علب اللبن، وهو لا يريدها، يشتريها ويريقها لعله يحصل على الجائزة، فهذا يكون من إضاعة المال، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
بقي شيء ثالث: إذا قال قائل: هذه المعاملة ربما تضر بالبائعين الآخرين؛ لأن هذا البائع إذا جعل جوائز للمشترين، وكان سعره كسعر السوق: اتجه جميع الناس إليه، وكسدت السلع عند التجار الآخرين، فيكون في هذا ضرر على الآخرين، فنقول: هذا يرجع إلى الدولة، فيجب عليها أن تتدخل، فإذا رأت أن هذا الأمر يوجب اضطراب السوق: فإنها تمنعه إذا رأت أن المصلحة في منعه، أو إذا رأت أنه من التلاعب في الأسواق، والتلاعب في الأسواق يجب على ولي الأمر أن يمنعه." انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (49/ 8).
ثم إن هذه الصورة وسيلة لبيع السيارة بأكثر من ثمنها أضعافا مضاعفة، فإذا كنت صادقا في بيع السيارة بأقل من ثمنها، فما أيسر ذلك!
فخفّض سعرها كما تحب، ولو بعتها بربع السعر أو أقل، واحذر القمار ودعوة الناس إليه؛ فإنه من كبائر الذنوب.
واحذر المكر والخديعة، يا عبد الله؛ فإنه: "مَنْ يُخَادِعِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ؛ يَخْدَعْهُ اللَّهُ"؛ كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة