نحن ننوي شراء منزل، ونفكّر في التعامل مع مصرف الريان، الذي يقدّم خدمة تسمى خطّة شراء المنازل، لقد تحدثت إليهم على الهاتف، والخدمة تبدو رائعة، ويبدو أنها متوافقة مع الشريعة الإسلامية، إنهم يشترون العقار بأكمله، ونشتري جزءًا منه منهم، ثم ندفع لهم إيجارًا شهريًا، علاوة على الإيجار، ندفع مبلغًا إضافيًا من المال من أجل الحصول على الحصّة الباقية من العقار المملوك للداعم، لذلك في النهاية سنمتلك العقار بأكمله، هم يسعّرون قيمة الإيجار بسعر قياسي، أو سعر ثابت، أو سعر متغيّر، يتمّ تقديمه كنسب مئوية، وهذا يجعل الأمر يبدو مثل الرهن العقاري (الربيي)، كنت أعتقد أنّ الإيجار يجب أن يعتمد على الموقع والعقار نفسه، وليس على النسبة المئوية القياسية في جميع المجالات، هذا يجعل الأمر يبدو مثل الرهن العقاري، لا نريد التعامل بأيّ شكل من أشكال الربا ونريد معرفة حكم استخدام هذه الخدمة شرعاً؟
ما حكم تملك العقار عن طريق مصرف بطريقة الشركة المتناقصة؟
السؤال: 319918
ملخص الجواب
النظام المذكور يدخل فيما يسمى بالشركة المتناقصة وفي الجواب المطول ذكر ضوابط التعامل بهذه الشركة، فإذا انضبت هذه الشركة بالضوابط المذكورة، فلا حرج فيها.
Table Of Contents
أولا:
المقصود بالشركة المتناقصة
النظام المذكور يدخل فيما يسمى بالشركة المتناقصة، وهي "اتفاق طرفين على إحداث (إنشاء) شركة ملك بينهما، في مشروع أو عقار أو منشأة صناعية أو غير ذلك، على أن تنتهي بانتقال حصة أحد الشريكين (الممول) إلى الآخر تدريجيا بعقود بيع مستقلة متعاقبة." انتهى من"مجلة مجمع الفقه الإسلامي "، العدد 13 (2/ 513) من بحث للدكتور نزيه حماد.
وقد سبق في الموقع بيان ضوابط التعامل بهذه الشركة، وفيه نص قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، بشأن هذه الشركة.
ومن هذه الضوابط يعلم ما يلي:
1 – يجب أن تتم ثلاثة عقود، لا تداخل بينها، ولا يشترط أحدها لإتمام الآخر، ويترتب على كل عقد أحكامه المقررة شرعاً، وهذه العقود هي:
أ-أن يشتري المصرف والعميل العقار على المشاع، كأن يكون للشركة 90% وللعميل 10% من المنزل مثلا، أو أن يشتري المصرف العقار كله، ثم يبيع للعميل 10% منه مثلا، فيصبحان شركين في ملكية العقار، ويترتب على اشتراكهما في الملكية:
اشتراكهما في دفع التأمين الإلزامي، والصيانة، والضرائب، ورسوم نقل ملكية العقار وغيرها، كل بنسبة ملكيته، ويتحملان مخاطر تلف العقار بنفس النسبة.
ب-تأجير حصة المصرف من العقار للعميل. وهذه الحصة المؤجرة تقل كلما اشترى العميل من حصص المصرف، وتقل – تبعا لذلك – قيمة الإيجار الذي يدفعه المشتري، فإنه إذا كان قد اشترى ربع العين أولا، وأجر الباقي، فلو اشترى نصفها – مثلا – لم يجز إلزامه إلا بأجرة النصف الذي لم يتملكه، فقط.
ج-شراء العميل حصة المصرف بالتدريج، بناء على وعد سابق، ولا يجوز أن يكون هذا الوعد ملزما لأحد الطرفين، على القول الراجح المفتى به عندنا، ولا أن يكون الوعد ملزماً للطرفين معا، من باب أولى؛ لأنه يكون في حكم البيع، ولا يجوز البيع المستقبل، كما لا يجوز اشتراط البيع في عقد الشركة.
ويجب إبرام عقد البيع عند تملك كل حصة، ولو كان العقد لفظياً فقط.
ثانيا:
التعهد بشراء حصة الطرف الآخر بقيمتها عند ابتداء المشروع
لا يجوز التعهد بشراء الحصص بقيمتها عند ابتداء المشروع؛ لأن هذا ضمان لرأس مال الشريك، وهو ممنوع شرعاً، بل يكون بيع الحصة حسب سعرها في السوق، أو ما يتفقان عليه وقت البيع، وبهذا يشتركان في الخسارة لو انخفض سعر العقار، ويشتركان في الربح عند ارتفاعه.
وفي قرار مجمع الفقه المشار إليه: "عدم التعهد بشراء أحد الطرفين حصة الطرف الآخر بمثل قيمة الحصة عند إنشاء الشركة؛ لما في ذلك من ضمان الشريك حصة شريكه، بل ينبغي أن يتم تحديد ثمن بيع الحصة بالقيمة السوقية يوم البيع، أو بما يتم الاتفاق عليه عند البيع." انتهى.
ثالثا:
الربط القياسي للأجور
ما جاء في السؤال من أن المصرف "يسعّرون قيمة الإيجار بسعر قياسي، أو سعر ثابت، أو سعر متغيّر يتمّ تقديمه كنسب مئوية": لعل المراد أنها أجرة متغيرة، مرتبطة بمؤشر معين، أو تزيد كل سنة بحسب التضخم. وهذا لا حرج فيه ما دامت الأجرة يعلم مقدارها عند بدء كل فترة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن التضخم وتغير قيمة العملة:
"رابعا: الربط القياسي للأجور والإجارات:
أ ـ تأكيد العمل بقرار مجلس المجمع رقم 75 (6/ 8) الفقرة: أولا بجواز الربط القياسي للأجور، تبعا للتغير في مستوى الأسعار.
ب ـ يجوز في الإجارات الطويلة للأعيان: تحديد مقدار الأجرة عن الفترة الأولى، والاتفاق في عقد الإجارة على ربط أجرة الفترات اللاحقة بمؤشر معين، شريطة أن تصير الأجرة معلومة المقدار عند بدء كل فترة." انتهى.
وجاء في "المعايير الشرعية" ص 138:
" 5/ 2/3… في حالة الأجرة المتغيرة: يجب أن تكون الأجرة للفترة الأولى محددة بمبلغ معلوم. ويجوز في الفترات التالية اعتماد مؤشر منضبط، ويشترط أن يكون هذا المؤشر مرتبطاً بمعيار معلوم لا مجال فيه للنزاع؛ لأنه يصبح هو أجرة الفترة الخاضعة للتحديد، ويوضع له حد أعلى وحد أدنى…
5/ 2/5… يجوز باتفاق الطرفين تعديل أجرة الفترات المستقبلية، أي المدة التي لم يحصل الانتفاع فيها بالعين المؤجرة، وذلك من باب تجديد عقد الإجارة. أما أجرة الفترات السابقة التي لم تدفع فتصبح ديناً على المستأجر، ولا يجوز اشتراط زيادتها " انتهى.
وجاء فيها أيضا، ص 149: "مستند جواز استخدام مؤشر لتحديد أجرة الفترات التالية للفترة الأولى من مدة الإجارة: هو أن التحديد بذلك يؤول إلى العلم، وذلك من قبيل الرجوع إلى أجرة المثل، وهو لا مجال فيه للنزاع، ويحقق استفادة المتعاقدين من تغير مستوى الأجرة، مع استبقاء صفة اللزوم لكامل مدة العقد، كما جاء في فتوى ندوة البركة الحادية عشرة." انتهى.
رابعا:
هل يجوز جعل مصاريف الصيانة والتأمين على العميل؟
لا يجوز جعل مصاريف الصيانة والتأمين على العميل؛ لأن هذا مناف لمقتضى الشركة التي عمادها الاشتراك في الربح والخسارة، وفي قرار مجمع الفقه:
"عدم اشتراط تحمّل أحد الطرفين مصروفات التأمين أو الصيانة وسائر المصروفات، بل تحمّل على وعاء المشاركة، بقدر الحصص." انتهى.
وفي "المعايير الشرعية" ص 206:
" لا يجوز اشتراط تحمل أحد الشريكين وحده مصروفات التأمين أو الصيانة، ولو بحجة أن محل الشركة سيؤول إليه" انتهى.
وفيها ص 217:
"مستند عدم جواز تحميل أحد الشريكين مصروفات التأمين أو الصيانة: أن هذا الاشتراط منافٍ لمقتضى عقد المشاركة" انتهى.
ولا يجوز فرض ذلك على العميل باعتباره مستأجراً للعقار؛ فإن المستأجر لا يجوز اشتراط الصيانة عليه؛ لما يؤدي إليه من جهالة الأجرة التي تلزمه، وهذا مفسد لعقد الإجارة.
وفي "الموسوعة الفقهية" (1/ 286):
"ولا يجوز اشتراط صيانة العين على المستأجر؛ لأنه يؤدي إلى جهالة الأجرة، فتفسد الإجارة بهذا الاشتراط باتفاق المذاهب." انتهى.
وفي "المعايير الشرعية" ص 207 في ضوابط الشركة المتناقصة:
"يجوز لأحد أطراف الشركة استئجار حصة شريكه بأجرة معلومة، ولمدة محددة مهما كانت، ويظل كل من الشريكين مسئولاً عن الصيانة الأساسية لحصته في كل حين." انتهى.
والحاصل:
أنه إذا انضبت هذه الشركة بالضوابط المذكورة، فلا حرج فيها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة