هل علينا أن نقول للشخص الذي يحتضر أن يتوب من الكفر، والشرك ، والرياء …الخ ، ثمّ نقول له أن يقول الشهادة؛ لأنني رأيت كثيرا من الأشخاص كان يصدر منهم شرك أكبر/ أصغر ، بدع ، كفر … الخ، لكن عند الاحتضار يطلب منهم الناس فقط أن يقولوا الشهادة، ولا أحد يطلب منهم أن يتوبوا من المعاصي التي ذُكرت أعلاه، فما هي الطريقة الصحيحة لهذه الحالة من القرآن والسنّة؟
هل يكفي تلقين الميت الشهادة أم لا بد من تذكيره بالتوبة ؟
السؤال: 321334
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يسن تلقين المحتضر لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه من الدنيا.
روى مسلم (916) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ .
وروى ابن حبان (3004) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلِمَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، وَإِنْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ وصححه شعيب في "تحقيق ابن حبان".
وهذا لا يغني عن توبة المحتضر من ذنوبه، فإنه إذا لم يتب منها كان تحت المشيئة، وقد يدخل النار، مع قوله لا إله إلا الله قبل موته، كما دل عليه الحديث السابق.
ولهذا يستحب دعوة المريض والمحتضر إلى التوبة ، إن كان في حال تمكنه من تذكيره بذلك ، وانتفاعه به ، ولا يكون في ذلك تضجير له ، ولا إثقال عليه ، لما في ذلك من المفسدة المعلومة ، ولا يكون فيه في آخر حاله، وعند النزع خصوصا : تهييب له ، ولا تنفير من لقاء الله رب العالمين، بل ينبغي في تلك الحال تغليب جانب الرجاء، والتنفيس له ، والترغيب في الإقبال على رب العالمين، وتحبيبه في لقاء أرحم الراحمين.
والفقهاء يذكرون في عيادة المريض: تذكيره بالتوبة، ويقتصرون في المحتضر على تلقينه لا إله إلا الله، وذلك لأن الوقت قد لا يتسع إلا لذلك، أو لأن التذكير بالتوبة يكون قد حصل سابقا عند عيادته.
قال في "أخصر المختصرات"، ص132: " وَسن استعداد للْمَوْت، وإكثار من ذكره، وعيادة مُسلم غير مُبْتَدع، وتذكيره التَّوْبَة وَالْوَصِيَّة، فإذا نُزل بِهِ : سُنّ تعاهد بل حلقه بِمَاء أوْ شراب، وتندية شَفَتَيْه، وتلقينه لَا اله الا الله مرّة وَلَا يُزَاد على ثَلَاث إلا أن يتَكَلَّم فيعاد بِرِفْق" انتهى.
قال في شرحه "كشف المخدرات" (1/ 218): " وَسُن تذكيره الْمَرِيضَ التَّوْبَة ، لِأَنَّهَا وَاجِبَة على كل وَاحِد ، من كل ذَنْب فِي كل وَقت، وَلِأَنَّهُ أحْوج من غَيره ، وَسن تذكيره الْوَصِيَّة ، وَالْخُرُوج من الْمَظَالِم ، ويرغبه فِي ذَلِك وَلَو كَانَ مَرضه غير مخوف، وَلَا بَأْس بِوَضْع الْعَائِد يَده عَلَيْهِ، وَالسّنة لَا يُطِيل الْجُلُوس عِنْده ، لإضجاره ، ولمنع تَصَرُّفَاته.
فَإِذا نُزل- بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول بِهِ- أَي نزل الْملك لقبض روحه، سُنّ تعاهد بلِّ حلقه الْمَرِيض من أرْفق أَهله بِهِ ، وأعرفهم بمداواته ، وأتقاهم إِلَى الله ، بِمَاء أَو شراب، وَسُن تندية شَفَتَيْه بقطنة ، لإطفاء مَا نزل بِهِ من الشدَّة ، وتسهيل النُّطْق بِالشَّهَادَةِ، وَسن تلقينه الْمَرِيض لَا إِلَه إِلَّا الله مرّة، وَلَا يُزَاد على ثَلَاث ، إِلَّا أَن يتَكَلَّم بعد الثَّلَاث فيعاد التَّلْقِين ، ليَكُون آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله، وَيكون بِرِفْق؛ لِأَن الرِّفْق مَطْلُوب فِي كل شَيْء، وَهنا أولى" انتهى.
وعليه فإن كان في الوقت متسع، وهو في حال إفاقة وإمكان : فليذكر بالتوبة ، لا سيما إن كان معروفا بالوقوع في الشرك أو البدعة أو الكبيرة.
وإن لم يكن في الوقت متسع، كما لو كان يحتضر، فليكن الحرص على نطق الشهادة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب