سمعت قصة للنبي عليه الصلاة والسلام أنه والصحابة كانوا مسافرين ذات مرة، وقال النبي لهم : (من يحفظ لنا الفجر)، فرفع يده بلال، وقال: أنا يا رسول الله، فنامو هم، وبعد فترة أيضا نام بلال ، واستيقظو في حر الظهر، فقال رسول الله لبلال : (ما هذه يا بلال)، فقال بلال : أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسكم، ثم أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالا بالأذان لصلاة الفجر، وصلوها جماعة، فإذا لم أستيقظ لصلاة الفجر في وقتها، فهل يجوز لي أن أفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم أن أؤذن وأصليها، أم هذه فقط تجوز بالسفر ويجب قضائها إذا لم نكن على سفر، ومع العلم أن عددا من الشيوخ قال ذلك ؟
هل يؤذن ويقيم للصلاة الفائتة ؟
السؤال: 321444
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
الواجب على العبد أن يصلى كل صلاة في وقتها المحدد لها شرعًا ، لقول الله تعالى : إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً النساء/103 .
ولا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها بغير عذر ، وقد توعد الله تعالى الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، فقال : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الماعون/ 4، 5.
ولكن إذا كان تأخير الصلاة عن وقتها لعذر : فلا حرج على الإنسان ، إذا بذل جهده واتخذ من الأسباب ما يعينه على أدائها في وقتها من اتخاذ منبه ، وتوصية من عنده بإيقاظه للصلاة ، ونحو ذلك .
وينظر لمزيد من التفصيل جواب السؤال رقم : (46562)، (111783).
ثانيًا:
اختلف الفقهاء في حكم الأذان والإقامة للصلاة الفائتة :
فذهب جمهور العلماء من الحنفيَّة ، وهو الأظهرُ عند الشافعيَّة ، والحنابلة ، وقولٌ عند المالكيَّة ، وهو قولُ أبي ثورٍ ، وداودَ الظاهريِّ إلى أنه يُشرَعُ الأذانُ والإقامةُ عندَ قضاءِ الفائتةِ .
وينظر : “تبيين الحقائق” للزيلعي (1 /92)، و”الاستذكار” لابن عبد البر (1 /86)، و”مواهب الجليل” للحطاب (2 /71)، و”المجموع” للنووي (3 /84)، و”الإنصاف” للمرداوي (1 /288).
واستدلوا بما روى البخاري (595)، ومسلم (681)، والنسائي (846) واللفظ له عن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : ” كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنْ الصَّلَاةِ .
قَالَ بِلَالٌ : أَنَا أَحْفَظُكُمْ .
فَاضْطَجَعُوا ، فَنَامُوا ، وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ ، فَقَالَ : يَا بِلَالُ ، أَيْنَ مَا قُلْتَ ؟ .
قَالَ : مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ !
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، فَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ ، قُمْ يَا بِلَالُ فَآذِنْ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ .
فَقَامَ بِلَالٌ ، فَأَذَّنَ فَتَوَضَّؤوا – يَعْنِي : حِينَ ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ- ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِهِمْ ” انتهى .
وقد بوب البخاري على هذا الحديث : ” بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ ” انتهى .
وقال ابن رجب في “فتح الباري” (5/ 106) : ” وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يا بلال ، قم فأذن للناس بالصلاة ) دليل على أن الصلاة الفائتة يؤذن لها بعد وقتها عند فعلها ” انتهى .
واحتجوا أيضًا بما جاء عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه ، قال : ” إنَّ المشركينَ شَغَلوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أربعِ صلواتٍ يومَ الخندقِ ، حتى ذهَب من اللَّيلِ ما شاء اللهُ ، فأمَرَ بلالًا فأذَّن ، ثم أقام فَصلَّى الظهرَ ، ثم أقام فصلَّى العصرَ ، ثم أقام فصلَّى المغْرِبَ ، ثم أقامَ فصلَّى العِشاءَ ” .
رواه الترمذي (179)، والنسائي (662)، وأحمد (3555) قال الذهبي في “تنقيح التحقيق” (1/120): إسناده صالح. وحسَّنه الألباني في “صحيح سنن الترمذي” (179).
وقد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه دخل المسجد وقد صلوا ، فأمر رجلاً فأذن وأقام. رواه البخاري تعليقاً ، وابن أبي شيبة في “المصنف” (1/250) . وصححه الألباني في “تمام المنة” (ص 150) .
وقال سعيد بن المسيب، في القوم ينتهون إلى المسجد وقد صلي فيه ، قال : يؤذنون ويقيمون .
وينظر: “مغني المحتاج” (1/318) ، والنووي في “المجموع” (3/93) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : من نام عن صلاة ، هل يؤذن لها ؟
فأجاب : ” القاعدة الأذان ، إذا كان قد خرج الوقت . أما إذا كان في الوقت فقد أذن الناس ويكفي ، ويقيم ، والحمد لله . أما إذا استيقظ بعد الشمس فالسُّنة أن يؤذن ويقيم ” انتهى .
وينظر : https://bit.ly/2ZVHYpk
ولا فرق بين الحضر والسفر في ذلك .
قال ابن قدامة في “المغني” (2 /74) : “والأفضل لكل مصلٍّ أن يؤذن ويقيم ، إلا إن كان يصلي قضاءً ، أو في غير وقت الأذان : لم يجهر به ” انتهى .
ومن اقتصر على الإقامة فقط فلا شيء عليه .
قال ابن قدامة (2/79) : ” ومن دخل مسجدًا قد صلي فيه ، فإن شاء أذن وأقام . نص عليه أحمد…
وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة ؛ فإن عروة قال : إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا ، فإن أذانهم وإقامتهم تجزئ عمن جاء بعدهم . وهذا قول الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، إلا أن الحسن ، قال : كان أحب إليهم أن يقيم .
وإذا أذن: فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به ، ليغر الناس بالأذان في غير محله ” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة