لقد سمعت وقرأت أن النبي كان يسمّي عائشة بالحميراء، هل هذا صحيح ؟ ما هو الدليل ؟
هل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينادي عائشة أحيانًا بــ : حميراء ؟
السؤال: 323329
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
جاء في عدة أحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينادي عائشة -رضي الله عنها- أحيانًا بــــ ( حميراء ) .
وقد صح من هذه الأحاديث :
ما أخرجه النسائي في “السنن الكبرى” (8/ 181)، والطحاوي في “شرح مشكل الآثار” (1/ 268) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : ” دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ فَقَالَ لِي : يَا حُمَيْرَاءُ؛ أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ ؟ فَقُلْتُ : ” نَعَمْ ، فَقَامَ بِالْبَابِ وَجِئْتُهُ فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقَهُ فَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ ” قَالَتْ : ” وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ أَبَا الْقَاسِمِ طَيِّبًا ” فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَسْبُكِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَا تَعْجَلْ ، فَقَامَ لِي ثُمَّ قَالَ : حَسْبُكِ فَقُلْتُ: ” لَا تَعْجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ ” قَالَتْ : ” وَمَا لِي حُبُّ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي وَمَكَانِي مِنْهُ “.
وصححه ابن القطان في “أحكام النظر” (360)، والألباني في “السلسلة الصحيحة” (7/ 818)، وشعيب الأرناؤوط في “تخريج شرح مشكل الآثار” (292).
وأما باقي الروايات فهي بين الضعيف والموضوع ، وأشهرها :
ما أخرجه ابن ماجه في “سننه” (2474) عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : ” يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ ؟ قَالَ: الْمَاءُ ، وَالْمِلْحُ ، وَالنَّارُ ، قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْمَاءُ قَدْ عَرَفْنَاهُ ، فَمَا بَالُ الْمِلْحِ وَالنَّارِ ؟ قَالَ : يَا حُمَيْرَاءُ مَنْ أَعْطَى نَارًا ، فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا أَنْضَجَتْ تِلْكَ النَّارُ ، وَمَنْ أَعْطَى مِلْحًا ، فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا طَيَّبَ ذَلِكَ الْمِلْحُ ، وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ ، حَيْثُ يُوجَدُ الْمَاءُ ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً ، وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ ، حَيْثُ لَا يُوجَدُ الْمَاءُ ، فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا .
وهو حديث ضعيف جدًا ؛ لتدليس علي بن غراب ، وجهالة زهير بن مرزوق ، وضعف علي بن زيد بن جدعان .
قال المزي : ” زهير بن مرزوق ؛ قال ابن معين : لا أعرفه ، وقال البخاري : منكر الحديث مجهول ” انتهى من “تهذيب الكمال” (6/ 346).
وقال ابن سعد في “الطبقات الكبرى” (7/ 252) : ” عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ… كَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ ” انتهى.
وضعف الحديث الألباني في “السلسلة الضعيفة” (120).
قال الحافظ الناجي رحمه الله:
“وقوله في الحديث: “يا حميراء” كل حديث فيه هذا اللفظ … فهو ضعيف؛ إلا حديثها في نظرها إلى الحبشة ولعبهم، وفيه أنه قال لها: “يا حميراء” فهو صحيح رواه النسائي في سننه الكبرى.” انتهى، من “عجالة الإملاء” (2/783-786).
وينظر للفائدة أيضا: “مختصر تلخيص الذهبي” لابن الملقن (1/1346) حاشية المحقق.
والحميراء تصغير حمراء ، ومعناه البيضاء ؛ لأن عائشة رضي الله عنها كانت بيضاء ، والعرب تسمي الأبيض : أحمر، كراهة في اسم البياض؛ لأنَّه يشبه البرص .
وينظر : “النهاية” لا بن الأثير (1/ 438)، و”المفهم” للقرطبي (6/ 318).
هذا مع التنبيه إلى أن بعض أهل العلم بالحديث : قد ذهب إلى ضعف هذه اللفظة ( يا حميراء ) حيثما وردت في الحديث كله ، ولم يثبتوا شيئا من الروايات التي وردت بها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب