قرأت كثيراً من الفتاوى التي تحرم العمل في البنوك التي تتعامل بالربا ، وعندي إشكال وهو : إذا كانت هذه البنوك محرمة والعمل بها حراماً ، فكيف يسمح بإنشائها في الدول الإسلامية ؟.
كيف تسمح الدول الإسلامية بإنشاء البنوك الربوية ؟
السؤال: 32534
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحرام ما حرمه الله ورسوله ، والحلال ما أحله الله ورسوله .
والربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وكل مؤسسة أو بنك يقوم على الربا ، فهو مؤذَن بالحرب من الله ورسوله ، سواء كان ذلك في دولة إسلامية أو في دولة كافرة ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة / 278-279 .
وإقرار الحكومات للبنوك الربوية لا يعتبر دليلاً على إباحة ذلك ، وقد أخبرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سيأتي على الناس زمان يستحلون فيه ما حرم الله عليهم كالزنا والخمر والمعازف ، ولا يعني ذلك أن هذه المحرمات تصير حلالاً بذلك .
وقد كثر تحذير أهل العلم من هذه البنوك ، وكثرت فتاواهم في تحريم العمل فيها دون التفات لكونها مرخصا لها من قبل الدولة ، وكثيراً ما نصحوا حكومات الدول الإسلامية بمنع هذه البنوك الربوية .
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (15/51) :
( الربا حرام بالكتاب والسنة والإجماع . . . والعمل بالبنوك التي تتعامل بالربا حرام . . . وتقرير الحكومة له أو ترخيصها بفتح البنوك وإنشائها أو السكوت عن ذلك لا يبيح للمسلم التعامل بالربا ، ولا يبيح له العمل فيها ؛ لأنها ليس لها سلطة التشريع ، إنما التشريع إلى الله وحده في كتابه العزيز ، أو وحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ) اهـ .
وجاء فيها أيضاً (15/55) :
( العمل في البنوك التي تتعامل بالربا حرام سواء كانت في دولة إسلامية أو دولة كافرة ، لما فيه من التعاون معها على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقولهم : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2.) اهـ .
وقال الشيخ ابن باز بعد أن ذكر بعض الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الربا :
( فهذه بعض الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبين تحريم الربا وخطره على الفرد والأمة ، وأن من تعامل به وتعاطاه فقد أصبح محارباً لله ورسوله . فنصيحتي لكل مسلم أن يكتفي بما أباح الله ورسوله وأن يكف عما حرمه الله ورسوله . ففيما أباح الله كفاية وغنى عما حرم الله وألا يغتر بكثرة بنوك الربا وانتشار معاملاتها في كل مكان ، فإن كثيراً من الناس أصبح لا يهتم بأحكام الإسلام ، وإنما يهتم بما در عليه المال من أي طريق كان وما ذلك إلا لضعف الإيمان وقلة الخوف من الله عز وجل وغلبة حب الدنيا على القلوب نسأل الله السلامة ) اهـ . مجلة البحوث الإسلامية (6/310) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب