لدي قريب له أولاد من زوجته الأولى المطلقة نتيجة مشاكل بينهما، اختار أولاده البالغون وغير البالغين البقاء مع أمهم، حتى أصحبوا لا يسألون عن أبيهم، ولا يقومون بزيارته، حتى قاطعوه تماما بكل شيء، حتى تزوجوا ولم يعلم، أو حتى يحضر، تزوج الأب بامرأة أخرى، وفي أحد الأيام اضطر الأب للسفر هو ووزوجته إلى مدينة أخرى نتيجة أحداث حدثت في البلدة، وقبل رجوعهم إلى بيتهم قام أولاده بسرقة منزله على مشهد من الجيران؛ كي لا يبقو لأبيهم شيئا، حتى أصبح يصرف من راتب زوجته على سبيل الدين منها، لأنه لا عمل له، ونتيجة أفعال أولاده ومحاولتهم القيام بأي فعل يقهره أمّن زوجته بأنها تأخذ ثمن بيعه لطابقين من البناء الذي يسكنه، بأن تاخذ كامل المبلغ المقبوض وغير المقبوض إذا حصل له شيء؛ كي لا يترك لأولاده شيئا يرثونه؛ بسبب عداوتهم، وأذيتهم له، وبعد فترة أصابته جلطة أودت بحياته، فقامت زوجته بأخذ المال المقبوض وغير المقبوض؛ كي تنفذ أمانة زوجها، وتحرم أولاده من المال كما طلب هو. فهل هذا العمل جائز، ولا يوجد إثم عليها أو على زوجها المتوفى، مع العلم زوجته تقول: إنه مات نتيجة أفعال أولاده السيئة وسرقة منزله من قبلهم، ومحاولتهم أن يقهروه بشتى الوسائل؟
عقه أولاده وأساءوا إليه فأوصى بماله لزوجته الثانية ليحرمهم من الإرث
السؤال: 325345
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
ما قام به الأولاد من مقاطعة أبيهم، ثم سرقة منزله، منكر ظاهر، وعقوق قبيح، مهما كان فعل الأب، والواجب عليهم أن يتوبوا إلى الله تعالى من هذه الكبيرة العظيمة، وأن يكثروا من الاستغفار والعمل الصالح، فإن العقوق من الذنوب التي يعجل لصاحبها العقوبة.
ثانيا:
المبالغ غير المقبوضة التي قال الأب إنها لزوجته إذا أصابه شيء: وصية لوارث، فلا تنفذ إلا بموافقة جميع الورثة، فإن لم يوافقوا، دخل المال في التركة وقسم على جميع الورثة؛ لما روى أبو داود (2870)، والترمذي (2120)، والنسائي (4641)، وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
لكن إن أجازها الورثة فالأمر لهم، ومن لم يجزها وجب أن يُعطى نصيبه يتصرف فيه كما يشاء.
وقد روى الدارقطني من حديث ابن عباس مرفوعا: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة وحسنه الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام".
وأولاد المتوفى يرثونه، ولو كانوا عاقين له، فتقسم التركة على الزوجة، وعلى أولاده منها ومن زوجته الأولى، وأبيه وأمه إن كانوا أحياء.
ولا يجوز لزوجته أن تحرم أبناءه ولو أوصاها بذلك؛ فإن هذا تعد لحدود الله، وقد قال سبحانه بعد قسمة المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ النساء/13، 14.
فينظر ما تركه من الميت من عقار ومال وغيره، فيقسم على جميع الورثة.
لكن ما سرقه أبناؤه من ماله، جاز أخذ قدره من نصيبهم في تركة أبيهم، ثم يقسم على جميع الورثة، هم وغيرهم.
وأما ما وهبه الرجل في حياته لزوجته وقبضته، فإنه ملك لها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب