تنزيل
0 / 0

حكم ترميم المنازل من مال الزكاة؟

السؤال: 325573

هل يجوز إعطاء زكاة ذهب لفقيرة لترميم بيتها ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من احتاج إلى ترميم بيته، ولم يكن عنده ما يفي بذلك، جاز إعطاؤه من الزكاة ، لهذا الغرض بشرطين:

الأول: أن يكون البيت بحاجة إلى ترميم حقيقي، كخوف سقوط جدار، أو خرور ماء من السقف، ونحو ذلك، وليس أمرا تحسينيا يمكن الاستغناء عنه.

الثاني: أن يكون الترميم بما يليق بمثل حال هذا الفقير، دون إسراف.

والأصل في ذلك : أن المسكن من الحوائج الأساسية، وترك البيت بلا ترميم مع الاحتياج لذلك: إهدار لهذه المنفعة الأساسية، بما قد يؤدي لزوالها، فجاز إعطاء الزكاة للفقير لتكميل هذه الحاجة والإبقاء عليها.

ونحن وإن منعنا أن يبنى بيت للفقير من الزكاة، كما في جواب السؤال رقم : (111884) ، فإن الترميم أمر مختلف؛ لشدة الحاجة إليه، ولكونه لا يأخذ من مال الزكاة ما يأخذه البناء.

وقد أجاز بعض أهل العلم أن يشترى أو يبنى للفقير البيت من الزكاة.

قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلّام رحمه الله: " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فِي الْحَجِّ، وَأَنْ يُعْتِقَ مِنْهُ الرَّقَبَةَ .

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَدْنَى مَا يَكُونُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ : أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ.

وَقَدْ أَرْخَصَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يَجْعَلَهَا مِنْ زَكَاتِهِ لِوَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَا يَأْخُذُ بِهَذَا، وَلَمْ يَكْرَهْهُ لِكَثْرَةِ الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا أَكْرَهُهُ لِأَنَّهُ يَجُرُّ وَلَاءَهُ بِالْعِتْقِ إِلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ.

فَكُلُّ هَذِهِ الْآثَارِ دُلَيًل عَلَى أَنَّ مَبْلَغَ مَا يُعْطَاهُ أَهْلُ الْحَاجَةِ مِنَ الزَّكَاةِ : لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَحْظُورٌ،  عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُعْطَى غَارِمًا، بَلْ فِيهِ الْمَحَبَّةُ وَالْفَضْلُ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ النَّظَرِ مِنَ الْمُعْطِي، بِلَا مُحَابَاةٍ وَلَا إِيثَارِ هَوًى، كَرَجُلٍ رَأَى أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ صَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلَ فَقْرٍ وَمَسْكَنَةٍ، وَهُوَ ذُو مَالٍ كَثِيرٍ، وَلَا مَنْزِلَ لِهَؤُلَاءِ يُؤْوِيهِمْ وَيَسْتُرُ خَلَّتَهُمْ، فَاشْتَرَى مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ مَسْكَنًا يُكِنُّهُمْ مِنْ كَلَبِ الشِّتَاءِ وَحَرِّ الشَّمْسِ، أَوْ كَانُوا عُرَاةً لَا كِسْوَةَ لَهُمْ، فَكَسَاهُمْ مَا يَسْتُرُ عَوْرَاتِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ، وَيَقِيهِمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، أَوْ رَأَى مَمْلُوكًا عِنْدَ مَلِيكِ سُوءٍ قَدِ اضْطَهَدَهُ وَأَسَاءَ مِلْكَتَهُ، فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ رِقِّهِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ، أَوْ مَرَّ بِهِ ابْنُ سَبِيلٍ بَعِيدُ الشُّقَّةِ، نَائِي الدَّارِ، قَدِ انْقُطِعَ بِهِ، فَحَمَلَهُ إِلَى وَطَنِهِ وَأَهْلِهِ بِكِرَاءٍ أَوْ شِرَاءٍ:

هَذِهِ الْخِلَالُ وَمَا أَشْبَهَهَا ، الَّتِي لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ الْكَثِيرَةِ، فَلَمْ تَسْمَحْ نَفْسُ الْفَاعِلِ أَنْ يَجْعَلَهَا نَافِلَةً، فَجَعَلَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ، أَمَا يَكُونُ هَذَا مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ؟

بَلَى؛ ثُمَّ يَكُونُ إِنْ شَاءَ مُحْسِنًا.

وَإِنِّي لَخَائِفٌ عَلَى مَنْ صَدَّ مِثْلَهُ عَنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُودُ بِالتَّطَوُّعِ، وَهَذَا يَمْنَعُهُ بِفُتْيَاهُ مِنَ الْفَرِيضَةِ، فَتَضِيعُ الْحُقُوقُ، وَيَعْطَبُ أَهْلُهَا" انتهى من "الأموال" ص677 .

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android