فوجئت اليوم بإحدي زميلاتي جلست بجواري لتحكي لي تجربتها مع إحدي قنوات التليفزيون التابعة للفرقة الأحمدية، كانت قد شاهدتها منذ فترة، وبدأت تتابعها، ومعجبة جدا بآرائها، وقالت: إننا نفهم الدين خطأ، وأن المسيح قد مات ، ولم يرفع للسماء، وأن عدد السماوات ليس سبعا، وأنهن كثيرات، وليس هناك شيء اسمه جن، ولكنهم بشر من نوع آخر، وأمور أخرى، وهي تحاول معي أن أشاهد هذه القناة، وأسمع بنفسي، لكني نصحتها ألا نطرق باب الشبهات، فقالت : إنها مقتنعة جدا، وأن العقل يميل لذلك، فقلت نؤمن بالكتاب والسنة وفقط ولا مجال لإعمال العقل في أمور الغيب، فما رأيكم ؟ ما السبيل لسد هذه الثغرات والفتن عنها ؟
من الكفر: اعتقاد موت المسيح أو إنكار الجن أو الانتساب إلى الأحمدية
السؤال: 326195
Table Of Contents
أولا: الطائفة القاديانية أو الأحمدية مرتدة عن الإسلام
الأحمدية ، أو القاديانية : طائفة كافرة مرتدة عن الإسلام، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (4060)، ونقلنا فيه قرار مجمع الفقه الإسلامي بتكفير هذه الطائفة.
وهذه الطائفة لها شبهات وتحريفات كثيرة قد تروج على الجهال وأنصاف المتعلمين.
ثانيا: المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يُصلب بل رفعه الله إليه
المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يُصلب، بنص القرآن، بل رفعه الله إليه، فمن ادعى موته فهو مكذب لكتاب الله، ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا النساء/157، 158.
وينظر جواب السؤال رقم : (3221).
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله:
" ما قول السادة العلماء الكرام في حياة سيدنا عيسى عليه السلام ورفعه إلى السماء بجسده العنصري الشريف، ثم نزوله من السماء إلى الأرض قرب يوم القيامة، وأن ذلك النزول من أشراط الساعة، وما حكم من أنكر نزوله قرب يوم القيامة، وادعى أنه صلب وأنه لم يمت بذلك بل هاجر إلى كشمير (الهند) وعاش فيها طويلا ومات فيها بموت طبيعي وأنه لا ينزل قبل الساعة بل يأتي مثيله، أفتونا مأجورين؟" .
فأجاب:
" الجواب: وبالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛
قد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء بجسده الشريف وروحه، وأنه لم يمت ولم يقتل ولم يصلب، وأنه ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وثبت أن ذلك النزول من أشراط الساعة.
وقد أجمع علماء الإسلام الذين يعتمد على أقوالهم على ما ذكرناه .
وإنما اختلفوا في التوفي المذكور في قول الله عز وجل: ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) [آل عمران:55] على أقوال :
أحدهما: أن المراد بذلك وفاة الموت لأنه الظاهر من الآية بالنسبة إلى من لم يتأمل بقية الأدلة، ولأن ذلك قد تكرر في القرآن الكريم بهذا المعنى مثل قوله تعالى: ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) [السجدة:11]، وقوله سبحانه وتعالى: ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ ) [الأنفال:50] ، في آيات أخرى قد ذكر فيها التوفي بمعنى الموت ، وعلى هذا المعنى يكون في الآية تقديم وتأخير.
القول الثاني: معناه القبض، نقل ذلك ابن جرير في تفسيره عن جماعة من السلف، واختاره ورجحه على ما سواه، وعليه فيكون معنى الآية: إني قابضك من عالم الأرض إلى عالم السماء وأنت حي ورافعك إلي.
ومن هذا المعنى قول العرب: توفيت مالي من فلان ، أي قبضته كله وافيا.
والقول الثالث: إن المراد بذلك وفاة النوم؛ لأن النوم يسمى وفاة ، وقد دلت الأدلة على عدم موته عليه السلام ، فوجب حمل الآية على وفاة النوم ، جمعًا بين الأدلة ، كقوله سبحانه وتعالى: ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ) [الأنعام:60]، وقوله عز وجل: ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينََ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) [الزمر:42].
والقولان الأخيران أرجح من القول الأول.
وبكل حال؛ فالحق الذي دلت عليه الأدلة البينة وتظاهرت عليه البراهين : أنه عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء حيًا، وأنه لم يمت بل لم يزل عليه السلام حيًا في السماء إلى أن ينزل في آخر الزمان، ويقوم بأداء المهمة التي أسندت إليه المبينة في أحاديث صحيحة عن محمد رسول الله ، ثم يموت بعد ذلك الموتة التي كتبها الله عليه، ومن هنا يعلم أن تفسير التوفي بالموت قول ضعيف مرجوح، وعلى فرض صحته فالمراد بذلك التوفي الذي يكون بعد نزوله في آخر الزمان، فيكون ذكره في الآية قبل الرفع من باب المقدم ومعناه التأخير؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب كما نبه عليه أهل العلم، والله الموفق.
وأما من زعم أنه قد قتل أو صلب : فصريح القرآن يرد قوله ويبطله، وهكذا قول من قال: إنه لم يرفع إلى السماء ، وإنما هاجر إلى كشمير وعاش بها طويلا ومات فيها بموت طبيعي ، وإنه لا ينزل قبل الساعة وإنما يأتي مثيله ؛ فقوله ظاهر البطلان، بل هو من أعظم الفرية على الله تعالى والكذب عليه وعلى رسوله .
فإن المسيح عليه السلام لم ينزل إلى وقتنا هذا ، وسوف ينزل في مستقبل الزمان كما أخبر بذلك رسول الله .
ومما تقدم يعلم السائل وغيره : أن من قال: إن المسيح قتل أو صلب، أو قال إنه هاجر إلى كشمير ومات بها موتا طبيعيًا ولم يرفع إلى السماء، أو قال: إنه قد أتى أو سيأتي مثيله، وإنه ليس هناك مسيح ينزل من السماء ؛ فقد أعظم على الله الفرية، بل هو مكذب لله ولرسوله ، ومن كذب الله ورسوله فقد كفر، والواجب أن يستتاب من قال مثل هذه الأقوال، وأن توضح له الأدلة من الكتاب والسنة ، فإن تاب ورجع إلى الحق ، وإلا قتل كافرًا.
والأدلة على ذلك كثيرة معلومة ، منها قوله سبحانه في شأن عيسى عليه السلام في سورة النساء: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) [النساء:157-158] .
ومنها ما توافرت به الأحاديث عن رسول الله أنه عليه الصلاة والسلام ينزل في آخر الزمان حكمًا مقسطًا ، فيقتل مسيح الضلالة ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام. وهي أحاديث متواترة مقطوع بصحتها عن رسول الله ، وقد أجمع علماء الإسلام على تلقيها بالقبول ، والإيمان بما دلت عليه ، وذكروها في كتب العقائد.
فمن أنكرها متعلقا بأنها أخبار آحاد لا تفيد القطع، أو أولها على أن المراد بذلك تمسك الناس في آخر الزمان بأخلاق المسيح عليه السلام من الرحمة والعطف، وأخذ الناس بروح الشريعة ومقاصدها ولبابها لا بظواهرها؛ فقوله ظاهر البطلان مخالف لما عليه أئمة الإسلام ، بل هو صريح في رد النصوص الثابتة المتواترة، وجناية على الشريعة الغراء، وجرأة شنيعة على الإسلام، وأخبار المعصوم عليه الصلاة والسلام، وتحكيم للظن والهوى، وخروج عن جادة الحق والهدى، لا يقدم عليه من له قدم راسخ في علم الشريعة وإيمان صادق بمن جاء بها، وتعظيم لأحكامها ونصوصها.
والقول بأن أحاديث المسيح أخبار آحاد لا تفيد القطع : قول ظاهر الفساد؛ لأنها أحاديث كثيرة مخرجة في الصحاح والسنن والمسانيد متنوعة الأسانيد والطرق، متعددة المخارج قد توافرت فيها شروط التواتر، فكيف يجوز لمن له أدنى بصيرة في الشريعة أن يقول باطراحها وعدم الاعتماد عليها.
ولو سلمنا أنها أخبار آحاد فليس كل أخبار الآحاد لا تفيد القطع ، بل الصحيح الذي عليه أهل التحقيق من أهل العلم أن أخبار الآحاد إذا تعددت طرقها ، واستقامت أسانيدها ، وسلمت من المعارض المقاوم تفيد القطع، والأحاديث في هذا الباب بهذا المعنى : فإنها أحاديث مقطوع بصحتها، متعددة الطرق والمخارج ، ليس في الباب ما يعارضها فهي مفيدة للقطع ، سواء قلنا إنها أخبار آحاد أو متواترة.
وبذلك يعلم السائل وغيره بطلان هذه الشبهة، وانحراف قائلها عن جادة الحق والصواب.
وأشنع من ذلك وأعظم في البطلان والجرأة على الله سبحانه وعلى رسوله : قول من تأولها على غير ما دلت عليه ، فإنه قد جمع بين تكذيب النصوص وإبطالها، وعدم الإيمان بما دلت عليه، من نزول عيسى عليه السلام وحكمه بين الناس بالقسط، وقتله الدجال وغير ذلك مما جاء في الأحاديث، وبين نسبة الرسول الذي هو أنصح الناس وأعلمهم بشريعة الله إلى التمويه والتلبيس وإرادة غير ما يظهر من كلامه وتدل عليه ألفاظه، وهذا غاية في الكذب والافتراء والغش للأمة الذي يجب أن يتنزه عنه مقام الرسول ، وهذا القول يشبه قول الملاحدة الذين نسبوا الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى التخييل والتلبيس لمصلحة الجمهور، وأنهم ما أرادوا مما قالوه الحقيقة.
وقد رد عليهم أهل العلم والإيمان، وأبطلوا مقالاتهم بغاية البيان وساطع البرهان، فنعوذ بالله من زيغ القلوب والتباس الأمور ومضلات الفتن ونزغات الشيطان، ونسأله عز وجل أن يعصمنا والمسلمين من طاعة الهوى والشيطان إنه على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونرجو أن يكون فيما ذكرناه مقنع للسائل وإيضاح للحق، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين" . انتهى.
ثالثا: السماوات سبع بنص القرآن
السماوات سبع، كما نص عليه القرآن العظيم في غير موضع.
قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ البقرة/29
وقال تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ فصلت/12.
فلو كن أكثر من ذلك، لبين الله تعالى.
وقال تعالى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ الإسراء/44.
وقال سبحانه: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا نوح/15، 16، وهذا في مقام الامتنان، فلو كن أكثر من ذلك لبين الله تعالى.
قال البغدادي في "الفرق بين الفرق" ص318: " وأجمعوا على أن السماوات سبع سماوات طباق؛ خلاف قول من زعم من الفلاسفة والمنجمين إنها تسع" انتهى.
رابعا: إنكار وجود الجن كفر بالله
الجن خلق من خلق الله تعالى، كما أخبر سبحانه بذلك في كتابه، وأخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن أنكر وجودهم فهو كافر مرتد، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (260842).
فانصحي لهذه المسكينة أن تحاذر من أن تقع في الردة عن دين الله ، عياذا بالله، من حيث لا تعلم كيف جاءها الضلال، أو من حيث فتنتها شبهات المضلين، وهي مغترة بعقلها، وتحسب أنها على شيء !!
واعلمي أن أس البلاء هو الاستماع للشبهات مع عدم الرسوخ في العلم، ولهذا اشتد تحذير السلف من ذلك.
قال أبو قلابة رحمه الله: " لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم ".
وقال محمد بن النضر الحارثي: " من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة، وهو يعلم أنه صاحب بدعة، نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه ".
قال الذهبي: " قلت: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة " انتهى من "سير أعلام النبلاء (7/ 261).
وينظر : جواب السؤال رقم : (326160).
وكثير من المسلمين اليوم ابتلي بالنظر في الشبهات، فكان ذلك سبب شقائه، حتى آل الأمر ببعضهم إلى الإلحاد، عياذا بالله.
فانصحي لأختك، واحذري أن تجرك إلى هذه الشبهات ومواقعها، واعتصمي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أجمع عليه أهل العلم.
نسأل الله أن يهدي صاحبتك وأن يصرف عنها نزغات الشيطان.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة