إذا ولد مولود برأسين، فكيف يكون ميراثه، ميراث فرد أم اثنين؟
ميراث من ولد برأسين
السؤال: 327586
ملخص الجواب
ميراث من ولد برأسين، ذكر جماعة من الشافعية إن إرثه كشخصين، إذا كانا بدنين ملتصقين. ومن ذهب إلى ترجيح القول باعتبار اختلاف الحس؛ فينظَر إلى نومه وبوله وتغوطه فإذا اتحد فهو شخص واحد، وإن اختلف فهما شخصان يرثان كاثنين
Table Of Contents
أولا:
هل من الممكن أن يولد إنسان برأسين؟
قد يولد إنسان له رأسان، كما أخبر بذلك جمع من أهل العلم ممن شاهدوا ذلك.
قال ابن العماد في "شذرات الذهب" (5/ 248): " سنة ثمان وخمسين وأربعمائة: فيها كما قال ابن الأثير وابن الجوزي والذهبي والسيوطي ولدت بنت لها رأسان، ورقبتان، ووجهان، على بدن واحد ببغداد، بباب الأزج، وماتت" انتهى.
وقال ابن كثير في أحداث سنة 743هـ: " واشتهر في أوائل شهر رمضان أن مولودا ولد له رأسان وأربع أيد، وأحضر إلى بين يدي نائب السلطنة، وذهب الناس للنظر إليه في محلة ظاهر باب الفراديس، يقال لها: حكر الوزير، وكنت فيمن ذهب إليه في جماعة من الفقهاء، يوم الخميس ثالث الشهر المذكور بعد العصر، فأحضره أبوه، واسم أبيه: سعادة، وهو رجل من أهل الجبل، فنظرت إليه فإذا هما ولدان مستقلان، لكن قد اشتبكت أفخاذهما بعضهما ببعض، وركب كل واحد منهما ودخل في الآخر، والتحمت فصارت جثة واحدة، وهما ميتان، فقالوا: أحدهما ذكر والآخر أنثى، وهما ميتان حال رؤيتي إليهما، وقالوا: إنه تأخر موت أحدهما عن الآخر بيومين أو نحوهما. وكتب بذلك محضر جماعة من الشهود" انتهى من "البداية والنهاية" (18/ 458).
ثانيا:
من ولد برأسين هل يعتبر شخصاً أو شخصين ؟
اختلف الفقهاء فيمن هذا حاله، هل هو شخص أو شخصان، فمنهم من اشترط أن يكون لكل منهما بدن كامل حتى يكونا شخصين، ومنهم من قال العبرة بوجود رأسين، ومنهم من اعتبر الإحساس والحركة، وهذا ما يروى عن علي رضي عنه، لكن لا يصح من جهة الإسناد، وثمة أقوال أخرى، كاعتباره شخصين مطلقا، أو اعتباره شخصا واحدا مطلقا.
قال ابن القيم رحمه الله في "الطرق الحكمية" (1/ 133): " روى محمد بن سهل حدثنا عبد الله بن محمد البلوي حدثني عمارة بن زيد، حدثنا عبد الله بن العلاء، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: أتي عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بإنسان له رأسان، وفمان، وأربع أعين، وأربع أيد، وأربع أرجل، وإحليلان، ودبران. فقالوا: كيف يرث يا أمير المؤمنين؟ فدعا بعلي – رضي الله عنه -، فقال:
فيهما قضيتان، إحداهما: ينظر إذا نام، فإن غطَّ غطيطَ واحدٍ، فنفْس واحدة، وإن غط من كل منهما، فنفسان، وأما القضية الأخرى، فيطعمان ويسقيان فإن بال منهما جميعًا، فنفس واحدة، وإن بال من كل واحد منهما على حدة، وتغوط من كل واحد على حدة، فنفسان" انتهى.
وإسناد هذه القصة مسلسل بالكذابين: محمد بن سهل، وعبد الله بن محمد البلوي، وعمارة بن زيد، كلهم ممن يضع الحديث، كما قال الدارقطني وغيره.
وقد بحث الدكتور سعد بن ناصر الشثري المسألة في بحث له بعنوان: "التوأم المتلاصق السيامي".
وذكر في اعتباره شخصا أو شخصين تسعة أقوال، وانتهى إلى ترجيج أن العبرة باختلاف الحس.
قال حفظه الله: "بالنظر إلى الأقوال السابقة، والمناقشات الواردة عليها: يظهر أن الراجح هو اعتبار اختلاف الحس، كما في القول الثالث؛ لأن الحكم على التوأم المتلاصق بالوحدة أو التعدد مبني على النظر في تعدد روحه، وتعدد الروح أمر خفي لخفاء الروح، لكن يستدل على الروح بالإحساس، فنعرف أن الشخص به روح، إذا كان لديه إحساس، ومن هنا فإننا نستدل على تعدد الروح باختلاف الإحساس" انتهى من "مجلة المجمع الفقهي"، العدد 31، ص25- 70.
ثالثا:
كيف يرث مولود له رأسان؟
القول في إرثه ينبني على اعتباره شخصا أو شخصين، كما تقدم.
وقد ذكر جماعة من الشافعية إرثه كشخصين، إذا كانا بدنين ملتصقين.
قال الخطيب الشربيني: " تَنْبِيه قَوْله (اثْنَيْنِ) قد يَشْمَل مَا لَو ولدت امْرَأَة وَلدين ملتصقين، لَهما رأسان وَأَرْبع أرجل وَأَرْبع أيد وفرجان، وَلَهُمَا ابْن آخر، ثمَّ مَاتَ هَذَا الابْن وَترك أمه وهذين، فَيصْرف لَهَا السُّدس، وَهُوَ كَذَلِك؛ لِأَن حكمهمَا حكم الِاثْنَيْنِ فِي سَائِر الْأَحْكَام من قصاص ودية وَغَيرهمَا" انتهى من "الإقناع"(2/ 389).
وعلى ترجيح القول باعتبار الحس، ينظر إلى نومه، وإلى بوله وتغوطه، فإن اتحدا فهو شخص واحد، وإن اختلفا فهما شخصان يرثان كاثنين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب