في صحيح مسلم أنّ النبي اشترى عبداً بعبدين أسودين، فلماذا يستخدم العبيد السود بينما نحن متساوون بغضّ النظر عن العرق؟ ولماذا يستعبد عبدين للحصول على واحد؟
هل كان السود يستعبدون دون غيرهم ؟
السؤال: 327722
ملخص الجواب
– أسباب الرق لا علاقة لها باللون أو العرق ، وإنما كان بحسب ما يسبيه المسلمون من الكفار . – كان هناك تفاوت بين العبيد من حيث القيمة بحسب الدين واللون والصفات والشكل ، وهذا أمر عائد إلى الناس، وما يرغبون فيه ، ولا علاقة للشرع بوضع ثمن ، أو تحديد قيمة لأسود أو أبيض؛ بل هذا راجع إلى ما يتراضى عليه الناس، ويرغبون فيه.
Table Of Contents
العبودية كانت منتشرة قبل الإسلام بأبشع الصور
كانت العبودية منتشرة في أمم الأرض قبل الإسلام ، وكانت تمارس بأبشع الصور، ولم يكن عندهم فرق بين أن يؤخذ العبيد في حرب مشروعة ، أو أن يؤخذوا في عدوان ظالم ، أو احتيال على أخذ الحر غدراً أو بسبب دين عجز عن أدائه أو بغير ذلك .
فلما جاء الإسلام حرم بيع الحر واسترقاقه، وجعل الرق فيما أُخذ عن طريق الجهاد المشروع ، معاملة بالمثل وردًّا على الأعداء الذين يسترقون الأسرى وغيرهم من المسلمين .
حث الإسلام على عتق الرقيق
ثم إن الإسلام حث أهله على العتق، ورغبهم فيه، وجعل فيه الأجر والثواب الجزيل .
ولم يكن هناك تقصد للسود بعينهم لأجل أن يكونوا رقيقًا، بل إن الأمر كان بحسب ما يسبيه المسلمون من الكفار، في المعارك والغزوات التي كانوا يخوضونها ضدهم .
ولذلك كان من العبيد من هو أبيض ومن هو أسود ومن هو بينهما في اللون؛ إلا أن الذي يظهر أن الأبيض كان مرغوبًا عن الأسود ، وكذلك صاحب المكانة أو النسب في قومه قبل السبي كان مفضلا على غيره؛ كما كانت الأمة الجميلة أو صاحبة الشرف في قومها مفضلة ومرغوبة على غيرها بطبيعة الحال .
وفي صحيح مسلم (1365) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى صَفِيَّةَ بنت حيي – رضي الله عنها – من دحية الكلبي بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ " .
قال السيوطي في "شرح سنن ابن ماجه" (ص: 164) : " لِأَن صَفِيَّة كَانَت سيدتهم ، وَبنت رئيسهم فَعوضهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعة أرؤس " انتهى.
وقد يُشترى العبد بعبدين وأكثر، لكونه مسلمًا ، أو يرغب في الإسلام ، فيرغب من يشتريه في إعانته على ذلك أو في عتقه .
ومن ذلك ما جاء في الحديث المشار إليه في السؤال ، والذي أخرجه مسلم (1602) عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : " جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ ، فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِعْنِيهِ ، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ ، ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدُ حَتَّى يَسْأَلَهُ : أَعَبْدٌ هُوَ؟ "
قال القاضي عياض : " ظاهره أن مولاه كان مسلمًا ، وكان النبى سرّحه ، فاستحقه مولاه بصحة ملكه له ، ثم أراد – عليه السلام – بما جبل عليه من مكارم الأخلاق ألا يرده ، ولا ينقض ما عقد له ، فاشتراه من مولاه .
ويدل أن مولاه مسلم دَفْعه له العبدين ، وإلا فقد بايع – عليه السلام – من نزل إليه من عبيد أهل الطائف وغيرهم ، ولم يصرفهم على مواليهم.
وشرائه العبد بالعبدين أصل في هذا الأسلوب …" انتهى من "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (5/ 301).
وقال النووي : " هذا محمول على أن سيده كان مسلما ، ولهذا باعه بالعبدين الأسودين . والظاهر أنهما كانا مسلمين ، ولا يجوز بيع العبد المسلم لكافر .
ويحتمل أنه كان كافرا ، أو أنها كانا كافرين ، ولا بد من ثبوت ملكه للعبد الذي بايع على الهجرة إما ببينة ، وإما بتصديق العبد قبل إقراره بالحرية .
وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق والإحسان العام ، فإنه كره أن يرد ذلك العبد خائبا بما قصده من الهجرة وملازمة الصحبة ، فاشتراه ليتم له ما أراد " انتهى من "شرح النووي على مسلم" (11/ 39).
وبناء عليه فثمة أمران :
الأول : أن أسباب الرق لا علاقة لها باللون أو العرق ، وإنما كان بحسب ما يسبيه المسلمون من الكفار .
الثاني : أنه كان هناك تفاوت بين العبيد من حيث القيمة بحسب الدين واللون والصفات والشكل ، وهذا أمر عائد إلى الناس، وما يرغبون فيه ، ولا علاقة للشرع بوضع ثمن ، أو تحديد قيمة لأسود أو أبيض؛ بل هذا راجع إلى ما يتراضى عليه الناس، ويرغبون فيه.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب