0 / 0
3,57814/10/2023

قتل شقيقه دفاعا عن نفسه، فما الأحكام المترتبة على ذلك في حقه وحق أولاده؟

السؤال: 328299

سؤالي هو عن حكم شقيق يقتل شقيقه دفاعا عن نفسه، حيث حصل خلاف معين بينهم، وكان منه أن تهجم على أخيه، وطرحه أرضا، فما كان من الأخ المطروح إلا أن استل الخنجر الذي بحوزة أخيه، وطعنه فقتله، بعدها القاتل ولى هاربا، وخرج من الديار إلى بلد أخرى.
السؤال هو:
هل هناك أي حقوق لأحفاد الجد القاتل كالمطالبة بأراضي جدهم، أو أي متعلق بميراث مضى عليه أربعة أجيال او خمسة؟ وهل لهم حق كأحفاد جد قتل أخيه بالرجوع لنفس المنطقة، بحكم أنها ديارهم الأصلية ؟
وما هي الأحكام المتعلقة في مثل هذه الحالة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

قتل النفس التي حرم الله تعالى كبيرة من أعظم الكبائر، وفيها من الوعيد ما لم يأت في غيرها.

قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء/93.

وروى الترمذي (1395) والنسائي (3987)، وابن ماجه (2619) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ).

وأما إذا كان الأخ قد قتل أخاه في النسب، لأمه وأبيه؛ فتلك شناعة تجل عن الوصف، ويقصر دونها الكلام؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وأما دعوى أن القتل كان دفاعا عن النفس فهذا فيه تفصيل:

1-فإن كان المعتدي لا يمكن دفعه إلا بالقتل: جاز.

وكذا لو ظهر أن القاتل سيبادره المعتدي بالقتل، ولم يمكن دفعه عن نفسه إلا بذلك؛ فله أن يقتله.

ولا يظهر لنا من سياق القصة: أن ما حصل كان من تلك الحال التي يرخص له فيها؛ فلقد كان بإمكانه، كما استل خنجر أخيه، أن يحتفظ به، أو يدفع المعتدي بعيدا عنه، أو يلقي بالخنجر، كما استله، ثم يهرب … ، وقد قال الأول:

يَعَدُّ معاذرا، لا عُذر فيها * ومن يقتل أخاه فقد ألاما!!

فلله الأمر من قبل ومن بعد.

2-وإن كان يمكن دفعه بغير القتل، كالضرب، أو الجرح أو الطعن في يد أو قدم ونحو ذلك، حرم القتل، فإن قتل، كان قاتلا متعمدا.

قال النووي رحمه الله تعالى: ” أما كيفية الدفع : فيجب على المَصُول عليه رعاية التدريج ، والدفع بالأهون فالأهون ، فإن أمكنه الدفع بالكلام ، أو الصياح ، أو الاستغاثة بالناس ، لم يكن له الضرب …

أما إذا لم يندفع الصائل إلا بالضرب ، فله الضرب …

ولو أمكن بقطع عضو، لم يجز إهلاكه …

ولو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا، ولم يجد المَصول عليه إلا سيفا، أو سكينا؛ فالصحيح أن له الضرب به …

والمعتبر في حق كل شخص حاجته ” انتهى من “روضة الطالبين” (10 / 187) .

وقال البهوتي في “كشاف القناع” (6/155): “( ومن صال على نفسه) بهيمة أو آدمي (أو) صال على (نسائه) ، كأُمِّه وابنته وأخته وزوجته ونحوهن ، (أو) على (ولده أو ماله ، ولو قل) المال…، وسواء صال على ذلك (في منزله أو غيره، ولو) كان (متلصصا) أي طالبا للسرقة ، (ولم يخف) الدافع (أن يبدره الصائل بالقتل ، دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به) ، لأنه لو مُنع من ذلك لأدى إلى تلفه ، وأذاه في نفسه وحرمته وماله . ولأنه لو لم يجز ذلك ، لتسلط الناس بعضهم على بعض ، وأدى إلى الهرج والمرج .

(فإن اندفع بالقول ، لم يكن له ضربه) بشيء . (وإن لم يندفع بالقول ، فله) ، أي الدافع : (ضربه بأسهلِ ما يَظن أن يندفع به ؛ فإن ظن أن يندفع بضرب عصا ، لم يكن له ضربه بحديد) ، لأنه آلة القتل ، (وإن ولى هاربا ، لم يكن له قتله ولا اتباعه) ، كالبغاة ، (وإن ضربه فعطله ، لم يكن له أن يُثَنِّي عليه) ؛ لأنه كُفي شرَّه…..

(فإن لم يمكنه) ، أي الدافع ، (دفعُه) ، أي الصائلَ ، (إلا بالقتل ، أو خاف) الدافع (ابتداءً ، أن يبدأه) أي الصائل (بالقتل ، إن لم يعاجله بالدفع ؛ فله ضربه بما يقتله ، ويقطع طرفه ، ويكون) ذلك (هَدَرا) ، لأنه أُتلف لدفع شره ؛ كالباغي. 

(وإن قُتل المصول عليه ، فهو شهيد ، مضمون) ؛ لحديث أبي هريرة: قال جاء رجل فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : لا تعطه . قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله . قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد . قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : في النار رواه أحمد ومسلم.

وعن سعيد بن يزيد قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: من قُتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد رواه أبو داود والترمذي وصححه” انتهى.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (277736).

ثانيا:

لا يرث القاتل المقتول من مال المقتول شيئا؛ إذا كان القتل بغير حق.

فلو كان القاتل هنا متعديا، لم يرث من أخيه، على فرض أنه كان سيرثه.

أما ميراثه من أبيه هنا، إذا مات الأب قبله، فهو حق ثابت له، لا يؤثر فيه قتله لأخيه.

وأما أبناء القاتل أو أحفاده، فلا علاقة لهم بالقتل، ولا يمنعون من إرث الجد أو غيره، إن كان لهم إرث مباشر منه، كما لا يُمنعون من الرجوع إلى بلدهم أو دارهم. بل إخراجهم من ديارهم وأموالهم: من البغي والعدوان بغير حق، ولا إذن من الشارع؛ فكيف، ولم يقتلوا، ولم يعينوا القاتل بشيء!!

ثالثا:

إذا ثبت أن القاتل كان يمكنه الدفع عن نفسه، دون حاجة للقتل، فهو قاتل عمدا، كما تقدم، وعليه القصاص أو الدية في ماله إلا أن يعفو أولياء المقتول، فإن طالبوا بالدية، لزم ورثته دفعها من تركته؛ لأنها دين عليه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android