لقد ظهر اسمي في قرعة الحج، وأنا حاليا نازح من مدينتي، ووضعي المادي سيء، ولدي ديون كثيرة، ولا أستطيع دفع مبلغ الحج، حيث مطلوب مني أن أسدد الدفعات لهيئة الحج، فهل يجوز لي بيع مقعدي بمبلغ مالي لشخص آخر؛ لأقضي ديني، وأسد جزءاً من حاجتي؟
ما حكم بيع حاج القرعة حقه في الحج لغيره؟
السؤال: 328353
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يجوز بيع حق السفر للحج الذي يحصل عليه الإنسان بالقرعة؛ لأنه حق له اعتباره، يتضمن نفعا ماديا، وهو سفره إلى الحج بتكلفة أقل من تكلفة الحج السياحي. ولا يحصل للإنسان إلا مرة واحدة، وإذا فاته الحج به، اضطر للسفر عبر طرائق أخرى أعلى ثمنا؛ فجاز الاعتياض عنه.
ويمكن قياسه على بيع حق الاكتتاب في الأسهم، وبيع حق التقدم للصندوق العقاري، وقد أجاز ذلك جمع من المعاصرين.
قال الدكتور عبد الرحمن السند في بيع حق الاكتتاب في الأسهم: “الذي يظهر، والله أعلم: أن هذا من الحقوق المعنوية التي لها اعتبارها وقيمتها، فيجوز الاعتياض عنه، وذلك إذا خلت المعاملة من محاذير العقود الأخرى.
هذا من حيث الأصل، إلا أن القول بمنع الاعتياض عنه مطلقاً متعيّن؛ لاشتماله على عدة محاذير…” انتهى.
وقال الدكتور خالد المشيقح في بيع حق التقدم للصندوق العقاري: “هذه المسألة تحتمل قولين:
القول الأول: أن المعاوضة عن حق التقدم لصندوق التنمية العقاري قبل بناء المسكن ونزول القرض جائزة.
ويمكن أن يستدل لهم: بأن ذلك معاوضة عن حق التقدم، لا عن ذات القرض، وهذه الحقوق قد جرت أعراف الناس بالمعاوضة عنها، وأصبحت لها قيمة مادية عندهم، على مختلف طبقاتهم وبلدانهم، وهذه الحقوق أيضاً لها واقع ملموس في تجارات الناس، بل إنها أصبحت محل تجارات فئات منهم تعاملوا بها، وكانت سبب ثراء لهم، والمشتري لهذا الحق لم ينظر إلى المال الذي سيحصل عليه من وراء هذا الحق، وإن كان هو الدافع الأول له لشراء الحق، لكن نظره في هذه المرحلة “مرحلة شراء الحق” منصب على تمكنه من الانتظام في سلم أعداد المتقدمين والتمكن من هذا الحق، عن طريق شراء اسم المتقدم الأول.
ثم يقال: إن هذا الحق يمكن تصنيفه ضمن الحقوق غير المجردة (المتقررة)؛ لأنه يتعلق بعين مادية قائمة، وهي الأرض التي تقدم صاحب الطلب بتقديم اسمه عليها، والحقوق المقررة تجوز المعاوضة عنها، إما ببيعها أو المصالحة عنها، مثل: حق أولياء المجني عليه في رقبة الجاني وغيرها من حقوق.
ثم على القول بأن هذا من الحقوق التي هي في واقعها مصالح أو اختصاصات، أباح الشارع للمكلفين الاحتفاظ بها أو عدمه، وهو أمر موكول إلى رغباتهم، وأنه يجوز حمل المكلف الذي وقعت من نصيبه على التنازل عنها بمبلغ مالي، على القول بأنها من هذا النوع، فإنه تجوز المعاوضة عنها، وتكيف على أنها مصالحة عن حق بمبلغ مالي، حملاً لصاحبه على التنازل عنه”.
ثم ذكر القول بالمنع وأدلته، وأجاب عنها، ثم قال:
“الراجح في هذه المسألة:
الذي يظهر لي – والله أعلم بالحق – أن المعاوضة عن حق التقدم لصندوق التنمية معاوضة جائزة؛ لما تقدم من أدلة دالة على الجواز، وهذه الأدلة لا معارض لها؛ لأن المعاوضة هنا من قبيل المعاوضة عن الحق الذي قد عده الناس مالاً، وتمولوه فيما بينهم” انتهى من من أبحاث ندوة المعاوضة على الحقوق.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب