أصيبت قريبة لي وهي طفلة (10 سنوات) بتعب مفاجئ بدون سبب واضح، وذهبوا بها إلى الطبيب، وتوفت ثاني يوم من مرضها، وفي نفس الوقت الذي سمعنا بخبر مرضها تذكرت إنني في نفس الوقت بالتحديد ونفس الساعة كنت تذكرتها في نفسي بإنها بنت متفوقة في دراستها، وسيكون لها مستقبل، وكأنني كرهت ذلك في نفسي، ولكن لم أنطق بأي كلمة، لذلك نسيت أن أبرك، مع إني أقولها دائمًا إذا ذكرت أحدهم بخير عنده، ولم يخطر في بالي أبدا أن هذا التفكير ممكن أن يكون عينا، ولا أدري لماذا جاءت على بالي في هذا الوقت بدون سبب، لم أتذكر هذا الموقف إلا بعد خبر وفاتها، ولم يخطر ببالي أني من أصبتها، ولو كنت أستطيع الوصول إليها لما تأخرت عن وضوئي لها، وإعطائها من أثري، ولكن للأسف هى في دولة غير الدولة التي أنا فيها، مع العلم بأني لا أكرهها، وليس في قلبي حقد عليها، وحزينة جدا على موتها؛ لأني أحبها كثيرا هى وأهلها.
فماذا علي أن أفعل حتى أتحلل من هذا الأمر؟ وهل علي إخبار أهلها والتحلل منهم، مع إن ذلك سيؤدي إلى مفسدة عظيمة بأن يكرهوني أنا وعائلتي وقطيعة الرحم بيننا، أنا نادمة جدا، وهذا الأمر يشغل بالي دائمًا، وخائفة من عذاب الله، واستغفر الله دائمًا، وأدعو لها ولأهلها دائمًا، فماذا علي أن أفعل ؟ حتى يرتاح قلبي وتطمئن نفسي .
حكم العائن إذا تسبب في قتل شخص بسبب العين
السؤال: 336358
Table Of Contents
أولا: الإصابة بالعين قد تحصل بمجرد الوصف أو الحكاية أو التخيّل
الإصابة بالعين أمر ثابت معلوم بالشرع والعادة ، ولا يتوقف على رؤية الشيء المعِين ، بل قد تحصل الإصابة بالعين بمجرد الوصف أو الحكاية أو التخيّل .
قال ابن القيم رحمه الله : ” ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية ، بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء، فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية ، وقد قال تعالى لنبيه : ( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ) القلم/51 ، وقال : ( قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد ) ؛ فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنا، فلما كان الحاسد أعم من العائن ، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن ، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن ، نحو المحسود والمَعِين ، تصيبه تارة ، وتخطئه تارة ، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه ، أثرت فيه ولا بد ، وإن صادفته حذرا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام ، لم تؤثر فيه ، وربما ردت السهام على صاحبها ، وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء ، فهذا من النفوس والأرواح ، وذلك من الأجسام والأشباح . وأصله من إعجاب العائن بالشيء ثم تَتْبعه كيفيةُ نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المَعِين ، وقد يَعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته بل بطبعه ، وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني ، وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء : إن من عُرف بذلك حبسه الإمام وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ، وهذا هو الصواب قطعا ” انتهى من “زاد المعاد” (4/153).
ثانيا: كلام الفقهاء فيمن عان إنساناً فقتله
من عُرف أنه يصيب بعينه، وعان إنسانا، فقتله بلا قصد للقتل، فعليه الدية والكفارة عند بعض أهل العلم.
قال في “كشاف القناع” (5/ 509):
” (والمعيان: الذي يقتل بعينه . قال ابن نصر الله في حواشي الفروع: ينبغي أن يلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالبا ، فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ، ويفعله باختياره : وجب به القصاص) ؛ لأنه فعل به ما يقتل غالبا .
(وإن فعل ذلك بغير قصد الجناية ، فيتوجه أنه خطأ ، يجب فيه ما يجب في القتل الخطأ، وكذا ما أتلفه بعينه: يتوجه فيه القول بضمانه؛ إلا أن يقع بغير قصد ؛ فيتوجه عدم الضمان. انتهى. ويأتي في التعزير) . وقال ابن القيم في شرح منازل السائرين: إن كان ذلك بغير اختياره بل غلب على نفسه لم يقتص منه ، وعليه الدية، وإن عمد ذلك ، وقدر على رده ، وعلم أنه يقتل به : ساغ للوالي أن يقتله بمثل ما قتل به ، فيعينه إن شاء ، كما عان هو المقتول، وأما قتله قصاصا بالسيف فلا؛ لأنه غير مماثل للجناية” انتهى.
وفي “الموسوعة الفقهية” (17/ 267):
“إذا أدى الحسد إلى التلف ، أو القتل ، أو اعترف الحاسد بأنه قتله بالعين : ففي وجوب القصاص أو الدية خلاف:
فقال القرطبي ، كما ذكر الحافظ في الفتح: لو أتلف العائن شيئا ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص أو الدية، إذا تكرر ذلك منه، بحيث يصير عادة، وهو في ذلك كالساحر.
وتذكر كتب الشافعية أن العائن إذا أصاب غيره بالعين ، واعترف بأنه قتله بالعين : فلا قصاص، وإن كانت العين حقا، لأنه لا يفضي إلى القتل غالبا، ولا يُعد مهلكا، ولا دية فيه ولا كفارة، لأن الحكم إنما يترتب على منضبط عام ، دون ما يختص ببعض الناس ، في بعض الأحوال، مما لا انضباط له ؛ كيف ولم يقع منه فعل أصلا ، وإنما غايته حسد ، وتمنٍّ لزوال النعمة” انتهى.
فالمسألة فيها خلاف بين الفقهاء، فمنهم من يقول بوجوب الدية والكفارة، وهو قول للمالكية والحنابلة، ومنهم لا يوجب شيئا في ذلك وهم الشافعية.
قال النووي رحمه الله في “روضة الطالبين” (9/ 348): “إذا أصاب غيره بالعين، واعترف بأنه قتله بالعين فلا قصاص، وإن كانت العين حقا؛ لأنه لا يفضي إلى القتل غالبا، ولا يعد مهلكا.
قلت: ولا دية فيه أيضا ولا كفارة” انتهى.
وعليه:
فالذي يظهر أنه لا شيء عليك؛ لأنه لا يمكن الجزم بأن البنت ماتت بالعين، وكما تقدم في كلام الشافعية أن الحكم إنما يترتب على منضبط، بل عندهم : ولو قال إنه قتل بالعين، فلا شيء عليه، وفي كلام غيرهم اشتراط التكرار حتى يُعلم أنه يصيب بعينه، فيرتبون الضمان على غلبة الظن حينئذ وأن الميت مات بالعين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب