في الجواب رقم : (١٧٥٤٥٧): قلت إنّ توقيع اتفاقيات المُستخدم حيث تتمّ الإشارة إلى القانون الوضعيّ جائزة لما تلبّي حاجة الشخص، لكن ما حكم توقيع اتفاقيات المُستخدم لاستخدام برنامج لا يُحتاج إليها بالفعل لكن تُستخدم للترفيه على سبيل المثال؟ مثلا بالنسبة لليوتيوب أو الأنستغرام حيث لا يستخدمه الفرد بالفعل بطريقة يُستفاد منها في الدنيا أو الآخرة لكن فقط للترفيه؛ لأن مثل هذه الحالات منتشرة للغاية.
التوقيع على شرط التحاكم للقوانين في برامج لا يحتاج لها
السؤال: 336581
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا تضمنت البرامج شرطا باطلا كالتحاكم للقوانين الوضعية عند النزاع، فإن كان الإنسان بحاجة لهذه البرامج ، ويعلم أنه لن يضطر للتحاكم، من جهة أنه لن يرتكب ما يوجب تقديمه للمحاكمة؛ فالذي يظهر أنه لا بأس بالتوقيع حينئذ .
ومستند ذلك: أن التوقيع على الشرط لا يستلزم الرضا به، كما يدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها في قصة بريرة: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلاءَ فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ! مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ ، وَشَرْطُ الله أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ رواه البخاري (2168)، ومسلم (1504).
فجوّز لها النبي صلى الله عليه وسلم أن توافق على الشرط الباطل الذي لن تلتزم به.
فإذا وقع الإنسان على هذا الشرط، وهو آمن من الوقوع في هذا التحاكم، فلا محذور غير الموافقة على الشرط، وحديث عائشة رضي الله عنها فيه جواز الموافقة الظاهرية على الشرط الباطل، إذا كان المتعاقد لن يلتزم به.
وقد استنبط شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من الحديث: أن فيه الإذن للمشتري أن يدخل في العقد مع الشرط الباطل، إذا كان البائع لا يبيع إلا به، وكان الشرط لا يضره، لأنه لن يُلزم به.
قال رحمه الله: " وقد أجاب طائفة بجواب ثالث ذكره أحمد وغيره، وهو أن القوم كانوا قد علموا أن هذا الشرط منهي عنه، فأقدموا على ذلك بعد نهي النبي صلى الله عليه وسلم، فكان وجود اشتراطهم كعدمه، وبين لعائشة أن اشتراطك لهم الولاء لا يضرك، فليس هو أمرا بالشرط؛ لكن إذنا للمشتري في اشتراطه، إذا أبى البائع أن يبيع إلا به، وإخبارا للمشتري أن هذا لا يضره، ويجوز للإنسان أن يدخل في مثل ذلك.
فهو إذنٌ في الشراء مع اشتراط البائع ذلك، وإذنٌ في الدخول معهم في اشتراطه لعدم الضرر في ذلك، ونفس الحديث صريح في أن مثل هذا الشرط الفاسد لا يفسد العقد، وهذا هو الصواب. وهو قول ابن أبي ليلى وغيره، وهو مذهب أحمد في أظهر الروايتين عنه" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 338).
فإذا لم يكن الإنسان بحاجة للبرنامج، فلا ينبغي أن ينزل البرنامج ولا أن يوقع على الاتفاقية المشتملة على الشرط الباطل، إلا أن يكون البرنامج موجودا بالفعل على هاتفه أو جهازه كما هو الحال اليوم في أكثر الهواتف، فلا حرج عليه، ولا ترد المسألة أصلا؛ لأنه لن يوقع على أي اتفاق.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب