لدي مال مودع في بنك فيصل منذ عدة سنوات، وكنت آخذ بفتوى الشيخ علي السالوس حفظه الله بالتخلص من نصف الأرباح والانتفاع بالنصف الآخر؛ نتيجة وجود عدة مخالفات شرعية؛ منها الاستثمار في السندات الحكومية الربوية، ومنذ يومين كنت أتصفح موقع فضيلة الشيخ فوجدت أنه قد غير فتواه نتيجة تغير واقع البنك، فقد أفتى أوائل سنة 2018 بالتخلص من 70% من أرباح البنك، ثم عاد وأفتى سنة 2019 بعدم جواز الاستثمار في البنك، ووجوب التخلص من جميع الأرباح . أسئلتي هي : هل يجب علي التخلص من 70% من الأرباح ثم جميع الأرباح بأثر رجعي طبقا لتواريخ الفتاوى؟ علما بأني قد أنفقت معظم هذه الأرباح في السنوات الماضية، أم يجب علي فقط نقل المال للحساب الجاري حاليا وعدم أخذ أي أرباح مستقبلا ؟ وإذا كان يجب علي التخلص من الأرباح بأثر رجعي فهل يجزئ أن أخرج من مالي ما يعادل ما قد أنفقته في الماضي، علما بأني أملك ـ ولله الحمد ـ مالا آخر يعادل مقدار ما أنفقته في الماضي ؟ وهل إذا تعذر علي إيجاد كشف حساب للسنوات الماضية بالتفصيل أن أجتهد في معرفة ذلك قياسا على ما توفر لدي من معلومات في السنة الماضية، حيث إن نسبة الربح متغيرة كل 3 أشهر وليست ثابتة كمعظم البنوك ؟ وهل يجوز عند حساب ما سأخرجه بأثر رجعي أن أخصم مصاريف الحساب التي يخصمها البنك بشكل دوري من الأرباح وأخرج الباقي ؟
هل يلزمه التخلص من أرباح بنك فيصل في السنوات الأخيرة؟
السؤال: 342580
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
لا يجوز للبنك الإسلامي أو غيره التعامل بالسندات أو أذون الخزانة، كما لا يجوز له الإيداع في البنوك الربوية بفائدة؛ لأن ذلك ربا محرم.
جاء في قرار المجمع رقم (62/ 11 / 6) بشأن (السندات):
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 – 20 آذار (مارس) 1990 م.
بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة (الأسواق المالية) المنعقدة في الرباط 20 – 24 ربيع الثاني 1410 هـ/20 – 24/ 10/1989 م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية.
وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغا مقطوعاً أم خصماً.
قرر:
1. إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط: محرَّمة شرعاً، من حيث الإصدار، أو الشراء، أو التداول؛ لأنها قروض ربوية، سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة، أو عامة ترتبط بالدولة، ولا أثر لتسميتها " شهادات " أو " صكوكاً استثمارية " أو " ادخارية "، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها " ربحاً " أو " ريْعاً "، أو " عمولة " أو " عائداً ".
2. تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري، باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق، باعتبارها خصماً لهذه السندات.
3. كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز، باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع، أو زيادة، بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم، لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار " انتهى من "مجلة المجمع" (ع 6، ج 2 ص 1273، ع 7 ج 1 ص 73).
وإذا عُلم أن البنك الإسلامي يستثمر ماله بهذه الطريقة المحرمة: لم يجز استثمار المال فيه؛ لأن البنك شريك ووكيل عن العملاء في التصرف، فيلحقهم إثم المعاملات التي يقوم بها، والربا من أعظم الكبائر وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكله وموكله وكاتبه وشاهديه، كما في حديث جابر رضي الله عنه، عند مسلم (1598).
ويُقتصر حينئذ على الإيداع في الحساب الجاري عند الحاجة لحفظ المال.
وبالاطلاع على التقرير المالي للبنك المذكور، لسنة 2015 ، 2018، 2019 تبين أنه يضع قدرا كبيرا من المال في أذون الخزانة الربوية، ويودع بالربا في البنوك الربوية قدرا كبيرا آخر.
وعليه فلا يجوز إيداع المال لدى البنك إلا في الحساب الجاري.
وهذا موافق لما نقلته عن الدكتور علي السالوس حفظه الله فيما استقرت عليه فتواه.
ثانيا:
ما أخذته من الأرباح قبل العلم بتحريم الاستثمار في البنك وقبل العلم بوجوب التخلص منها، فلا شيء عليك فيه؛ لا سيما إذا كنت قد أنفقته.
قال تعالى:وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ البقرة/ آية 275.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام: فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) " انتهى من "اللقاء الشهري" (67/ 19).
وقال رحمه الله: " من فوائد الآية: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم بالتحريم: فهو حلال له، بشرط أن يتوب وينتهي" انتهى من " تفسير سورة البقرة " (3/ 377).
وعليه :
فلا يلزمك الآن إلا نقل المال إلى الحساب الجاري.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب