ما حكم قول أستحق كذا وكذا؟ فكثيرًا ما نسمع الناس يقولون هذا في سياقات مثل أستحقّ الالتحاق بتلك المدرسة، أو أستحقّ الحصول على وظيفة، أو فلانة امرأة صالحة تستحقّ رجلاً صالحًا، فما حكم قول ذاك، وذاك يستحقّ أفضل عندما تعتقد أن شخصا ما قد ظلمه؟
حكم وصف الشخص لنفسه أو لغيره بأنه أهل لأمر ما
السؤال: 344103
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
وصف الشخص لنفسه أو لغيره بأنه أهل لأمر ما، له أحد احتمالين:
الاحتمال الأول:
أن القائل يقول مثل هذا الكلام اعتراضا على عدم تقدير الله لذلك الشخص ما يطمح إليه من الوظائف أو الزواج ونحوه.
فلا شك أن هذه المقولة بهذا المقصد ضلال عظيم؛ إذ فيها نسبة الظلم إلى الله تعالى، أو عدم العلم وعدم الحكمة. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ يونس/44.
فعلى المسلم أن يتعاهد نفسه فينقيها من الاعتراض على قضاء الله تعالى، أو الظن أنه مستحق لكل ما يريد لكن الله قدر عليه غير ذلك، فيظن بالله تعالى ظن السوء.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
"فأكثر الخلق، بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء، فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق، ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله، ولسان حاله يقول: ظلمني ربي، ومنعني ما أستحقه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكره، ولا يتجاسر على التصريح به، ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامنا كمون النار في الزناد…
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع، وليتب إلى الله تعالى، وليستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء، وليظن السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء، ومنبع كل شر، المركبة على الجهل والظلم، فهي أولى بظن السوء من أحكم الحاكمين وأعدل العادلين، وأرحم الراحمين، الغني الحميد الذي له الغنى التام والحمد التام والحكمة التامة، المنزه عن كل سوء في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه، فذاته لها الكمال المطلق من كل وجه، وصفاته كذلك، وأفعاله كذلك، كلها حكمة ومصلحة ورحمة وعدل، وأسماؤه كلها حسنى." انتهى من "زاد المعاد" (3/211).
الاحتمال الثاني:
أن هذه العبارة لا يقولها المسلم اعتراضا على قضاء الله تعالى، وإنما يقولها إخبارًا عن الواقع، فيشهد لنفسه أو لغيره بأنه يستحق العمل الفلاني، بناء على أن عنده المؤهلات والخبرة التي تؤهله لهذا العمل.
فهذا لا بأس به، إن كانت شهادته بحق، وليست مجرد مجاملة، فالكذب حرمته معلومة، كما لا يجوز أيضا الشهادة بما لم يحط به علما. قال الله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا الإسراء/36.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب