جدتى تدعو لى وتقول: "ربنا يوفقك ببركة الجمعة الجامعة، والدعوة التي عند الله سامعة، وببركة الصباح، ودعوة الصلاح، وجبريل الذي في المدنية الصاح" فما حكم التوسل في الدعاء بهذه الأمور؟
التوسل في الدعاء وآدابه
السؤال: 344881
ملخص الجواب
الأصل هو منع الدعاء بهذه الأدعية التي وردت في السؤال، لما يحتمله الدعاء بها من معنى باطل ممنوع، وبُعد المعنى الصحيح عن أذهان أكثر القائلين له، والداعين به. لكن من قصد بذلك: التوسل بفعل الله تعالى، فلا بأس به. وبكل حال، ففي الأدعية الثابتة غنية وكفاية من تكلف غيرها.
Table Of Contents
أولًا:
منزلة الدعاء في الدين
إن الله تعالى يحب أن يُسأل، ويُرغبَ إليه في كل شيء، ويغضب على من لم يسأله، ويستدعي من عباده سؤاله، قال الله تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم غافر/60.
وللدعاء من الدين منزلة عالية رفيعة، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة رواه الترمذي (3372)، وأبو داود (1479)، وابن ماجه (3828)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2590).
ثانيًا:
الأفضل للإنسان أن يدعو بما ورد في الأدعية النبوية
أفضل الدعاء ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرشدنا الله إليه في القرآن الكريم، قال "ابن تيمية": " لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل: لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرمًا، وقد يكون مكروهًا، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها.
وليس لأحد أن يسن للناس نوعًا من الأذكار والأدعية، غير المسنون، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها، كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به.
بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما، لم يجز الجزم بتحريمه؛ لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به.
وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت، فهذا وأمثاله قريب.
وأما اتخاذ ورد غير شرعي، واستنان ذكر غير شرعي: فهذا مما ينهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية: غاية المطالب الصحيحة، ونهاية المقاصد العلية، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد," انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/ 510).
وفي موقعنا مجموعة من الأذكار والأدعية الشرعية، يمكنك مراجعتها في الأجوبة الآتية:
هل هناك أدعية خاصة لحفظ المنزل الجديد؟
حكم الدعاء بقولهم: "يا نور النور"؟
ثالثًا:
التوسل في الدعاء
ما أورد في السؤال من التوسل بالأمور المذكورة، لا يجوز، لأن التوسل المشروع أنواع معروفة:
الأول: التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ، فيقدّم العبد بين يدي دعاء الله تعالى الاسم المناسب لمطلوبه، كتقديم اسم الرحمن حال طلب الرحمة، والغفور حال طلب المغفرة، ونحو ذلك.
الثاني: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان والتوحيد، قال تعالى: (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين).
الثالث: التوسل بالأعمال الصالحة بأن يسأل العبد ربه بأزكى أعماله عنده، وأرجاها لديه، كالصلاة والصيام وقراءة القرآن، والعفّة عن المحرّم ونحو ذلك. ومن ذلك الحديث المتفق عليه في الصحيحين في قصة الثلاثة نفر الذين دخلوا الغار، وانطبقت عليهم الصخرة، فسألوا الله بأرجى أعمالهم.
ومن ذلك أن يتوسّل العبد بفقره إلى الله، كما قال الله تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام: أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ، أو بإقرار العبد بظلمه نفسه، وحاجته إلى الله، كما قال تعالى عن نبيه يونس عليه السلام: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
وليس التوسل بالأمور المذكورة مما يدخل تحت أنواع التوسل المشروع، فالذي يظهر عدم مشروعية هذا الدعاء، بهذه الصيغة المذكورة في السؤال.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (295156) بيان أن قول الإنسان: أسألك بحق الأذان، أو بحق الأيام الفضيلة، أو بحق رمضان، أو بحق العشر، أو بحق يوم الجمعة، فيه تفصيل:
فإن أراد الداعي معنى يعود إلى أفعال الله تعالى: جاز، كأن يكون مراده بـ"حق يوم الجمعة"، أو "حق شهر رمضان"، أو نحو ذلك: فعل الله، الذي هو ما جعله لهذا الوقت المعين من حرمة وفضل، أو ما شرعه لعباده من تعظيم هذا الوقت المعين، أو نحو ذلك مما يعود إلى فعل الله تعالى الشرعي، أو الكوني القدري.
وإن أراد التوسل بنفس الأيام والأزمنة والأفعال المخلوقة، لشرفها وكرامتها: لم يجز.
ومن إرادة أفعال الله، أن يقصد بقوله: أسألك بحق رمضان، أي بقبولك الأعمال فيه، وبإثابتك للصائمين، وهكذا.
ولكن هذا القصد لا يستحضره كثير من الداعين بهذه الألفاظ، فالصواب أن يقال: الأصل أنه لا يجوز الدعاء بهذه الأدعية، وأنه يمنع نشرها؛ لأنها من التوسل بالمخلوقات، مع أنه لا حاجة إلى ذلك، وفيه تكلف، وفي الأدعية المشروعة كفاية.
وينظر للفائدة: جواب السؤال: حكم التوسل بحق لا إله إلا الله محمد رسول الله
والحاصل:
أن الأصل هو منع الدعاء بهذه الأدعية، لما يحتمله الدعاء بها من معنى باطل ممنوع، وبعد المعنى الصحيح عن أذهان أكثر القائلين له، والداعين به.
لكن من قصد بذلك: التوسل بفعل الله تعالى، فلا بأس به.
وبكل حال، ففي الأدعية الثابتة غنية وكفاية من تكلف غيرها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة