هل يسجد للسهو عن كل سرحان
السؤال: 34570
هل للعبد أن يسجد سجود السهو في كل صلاة ، بحجة أنه قد أصابه قليل من السرحان ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
سبق بيان الأسباب التي يشرع لها سجود السهو في الصلاة ، وأنها
إما أن تكون زيادة في الصلاة ، أو نقصا ، أو شكا في صلاته ؛ بحيث لم يدر كم صلى . [12527]
.
وما ذكر في السؤال من السجود للسهو لأجل ما أصاب المصلي من
السرحان [ يعني : الذهول في الصلاة وشرود الذهن ] فهذا ليس من الأسباب التي يشرع
لها سجود السهو . قال الشيخ البهوتي رحمه الله :
( يشرع [ يعني : السجود ] للسهو بوجود شيء من أسبابه ، وهي زيادة
، ونقص ، وشك … سوى صلاة جنازة … ، وسوى حديث نفس ، لعدم إمكان الاحتراز منه ،
وهو معفو عنه . ) [ كشاف القناع 2/ 465 ]
وقد سئلت اللجنة الدائمة : عندما أكبر تكبيرة الإحرام ، وأشرع في
قراءة الفاتحة دائما ما أسهو ويسرح بالي خارج المسجد حتى انتهائي من الصلاة ..
فأجابت :
( صلاتك صحيحة إذا كنت قد أديت فرائض الصلاة وواجباتها ،
ونصيحتنا إليك أن تدافع الشيطان عن نفسك ما استطعت ، وبكل قوة ، حتى تذهب عنك هذه
الوساوس ، وتبطل كيد الشيطان .
ومما يساعدك على ذلك اللجأ إلى الله والاستعاذة به من الشيطان في
أول القراءة وفي نفسك دائما ، وتدبر معاني القرآن تدبرا يرشدك إلى عظمة الله ،
والتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ، وأن تتذكر أنك بين يدي الله ، وأنك تناجيه
في صلاتك ، وأن من الواجب عليك الأدب معه ، وحضور القلب في مناجاته ودعائه ، مع
رجاء أن يدفع الله عنك الهواجس ويسلمك من كيد الشيطان ، عسى الله أن يوفقك للإقبال
عليه والإعراض عن الشيطان . ) [ فتاوى اللجنة : 7/156 ] وانظر أيضا : [ 7/36
] .
وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن امرأة كثيرة
التفكير وشرود الذهن في الصلاة ، فهل تعيد صلاتها ؟
فقال رحمه الله :
( الوساوس من الشيطان ، والواجب عليك العناية بصلاتك والإقبال
عليها والطمأنينة فيها ، حتى تؤديها على بصيرة . وقد قال الله سبحانه : ( قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ، ولما رأى
النبي صلى الله عليه وسلم رجلا لا يتم صلاته ولا يطمئن فيها أمره بالإعادة وقال له
: ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر
معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، ثم اسجد حتى
تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم افعل ذلك في
صلاتك كلها ) متفق عليه .
وإذا تذكرت أنك في الصلاة قائمة بين يدي الله تناجينه سبحانه ،
فإن ذلك يدعو إلى خشوعك في الصلاة وإقبالك عليها وبعد الشيطان عنك وسلامتك من
وساوسه .
وإذا كثر عليك الوسواس في الصلاة فانفثي عن يسارك ثلاث مرات ،
وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات ، فإنه يزول عنك إن شاء الله .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذلك لما قال له :
( يا رسول الله إن الشيطان لبس علي صلاتي ) [ انظر : صحيح مسلم 2203 ] .
وليس عليك أن تعيدي الصلاة بسبب الوسواس ؛ بل عليك أن تسجدي
للسهو إذا فعلت ما يوجب ذلك ، مثل ترك التشهد الأول سهوا ، ومثل ترك التسبيح في
الركوع والسجود سهوا .
وإذا شككت هل صليت ثلاثا أو أربعا في الظهر مثلا ، فاجعليها
ثلاثا وكملي الصلاة ، واسجدي للسهو سجدتين قبل السلام .
وإذا شككت في المغرب هل صليت اثنتين أم ثلاثا فاجعليها اثنتين
وكملي الصلاة ، ثم اسجدي للسهو سجدتين قبل السلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
بذلك ، والله ولي التوفيق . ) [ فتاوى الشيخ 11/260 ]
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا غلبت الهواجس على
المصلي فما حكم صلاته ؟ وما طريق الخلاص منه ؟
فأجاب : ( الحكم في هذه الحالة أن الإنسان إذا غلب على صلاته
الهواجس في أمور الدنيا ، أو في أمور الدين ، كمن كان طالب علم وصار ينشغل إذا دخل
في الصلاة بالتدبر في مسائل العلم ، إذا غلب هذا على أكثر الصلاة ، فإن أكثر أهل
العلم يرون أن الصلاة صحيحة ، وأنها لا تبطل بهذه الوساوس ، لكنها ناقصة جداً ، فقد
ينصرف الإنسان من صلاته ، ولم يكتب له إلا نصفها ، أو ربعها ، أو عشرها أو أقل
[ كما في صحيح المسند 18400 وأبي داود 796 ]
أما ذمته فتبرأ بذلك ولو كثر ، لكن ينبغي للإنسان أن يكون حاضر
القلب في صلاته ؛ لأن ذلك هو الخشوع ، والخشوع هو لب الصلاة وروحها.
ودواء ذلك أن يفعل الإنسان ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم
بأن يتفل عن يساره ثلاثاً ، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، فإذا فعل ذلك أذهبه
الله .
وإذا كان مأموماً في الصف ، فإن التفل لا يمكنه ، لأن الناس عن
يساره، ولكن يقتصر على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، فإذا فعل ذلك وكرره
أذهب الله ذلك عنه . والله الموفق .
[ فتاوى الشيخ 14/88 ] .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة