سمعت من أحد الشيوخ أنه يجوز بيع وخياطة الفساتين النسائية التي لا تستر المرأة أي : الفساتين القصيرة ، ويستدل بأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوب حرير أحمر ، فلما لبسه عمر ورآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له : ( إني أعطيته لك لتهديه ، وليس لتلبسه ) فأهداها عمر لأحد أصحابه في الجاهلية ، أو في ما معنى الحديث ، فهل هذا الكلام صحيح ؟ وإذا كان صحيحاً فهل يمكن القياس على ذلك بجواز بيع السجائر والتبع ، والبناطيل النسائية والمايوهات الرجالية والنسائية الخليعة ؟ والمولى عز وجل يقول في كتابه : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) فأرجو الإفادة ، وحاشى أن يكون هناك تعارض بين القرآن والسنة .
لا يجوز بيع ما يستعمل في المعصية
السؤال: 34587
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما في عدة مواضع من عدة طرق ، منها رواية البخاري له تحت باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء ، من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : أرسل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عمر رضي الله عنه بحلّة من حرير أو سيراء ، فرآها عليه فقال : ( إني لم أرسل بها إليك لتلبسها ، وإنما يلبسها من لا خلاق له، إنما بعثت إليك لتستمتع بها ) ـ يعني تبيعها. وهذا الحديث يدل على جواز الاتجار في الملابس التي يجوز استعمالها على وجه دون وجه ، وجواز هبتها والتبرع بها ، وعلى من اشتراها أو أعطيت له تبرعاً أن يستعملها على الوجه المباح دون الممنوع ، ومثل ذلك : الحليّ من الذهب ، والسلاح والسكاكين والعنب ، ونحو ذلك مما يمكن أن يستعمل في مباح أو محرم ، فيجوز الاتجار فيه والتبرع به وهبته ، وعلى من اشتراه أو وهب له مثلاً أن يستعمله على الوجه المباح : من بيع وهبة ونحو ذلك ، دون أن ينتفع به على الوجه الممنوع .
أما إذا كان الشيء محرّماً استعماله من كلّ وجه وعلى كل حال ، فلا يجوز الاتجار فيه ولا هبته ، كالخنزير والأسد والذئب ، وليس في الأحاديث دلالة على جواز بيع ما ذكر ، فلا يصح قياس بيع السجائر والتبغ والمايوهات الرجالية والنسائية الخليعة على الاتجار فيما يجوز استعماله على وجه دون وجه ، وحال دون حال لأنها محرم استعمالها على كل حال .
وبالله التوفيق
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
فتاوى اللجنة الدائمة (16/179-181)