0 / 0
28,75116/10/2021

حكم من نسي الصلاة الابراهيمية وتذكرها أثناء سجود السهو

السؤال: 348070

كنت قد سهيت في الصلاة، وحين أردت أن أسجد للسهو نسيت أن أصلي على النبي بعد التشهد في الركعة الاخيرة، وتذكرت بين السجدتين، فعدت فقرأت التشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سجدت سجدتي السهو، فهل هذا صحيح أم لا؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير مختلف فيها، فمن الفقهاء من يرى أنها ركن لا تصح الصلاة بدونه، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة، ومنهم من يراها سنة، وهو مذهب الحنفية والمالكية، ومنهم من يراها واجبة، وهو مذهب إسحاق وأحمد في رواية.

وينظر: “المجموع للنووي” (3/ 467)، “جلاء الأفهام لابن القيم”، ص327، “الموسوعة الفقهية” (27/ 97).

وعليه ؛ فمن نسي هذه الصلاة، ففي ما يلزمه خلاف مبني على الخلاف في حكمها:

1-فعلى القول بالركنية، يلزمه الإتيان بها، ومن سها عنها : لزمه العود للإتيان بها ، وإلا لم تصح صلاته.

فمن نسي الصلاة الإبراهيمية، وسلم-ولم يطل الفصل-، أو سجد للسهو فذكرها فيه، لزمه العود فورا للإتيان بها، ثم يسجد للسهو ويسلم ، ويكفيه سجود سجدتا السهو عن سهوه المتعدد في الصلاة .

قال ابن قدامة رحمه الله :

“إذا سها سهوين، أو أكثر من جنس، كفاه سجدتان للجميع ، لا نعلم أحدا خالف فيه .

وإن كان السهو من جنسين؛ فكذلك . حكاه ابن المنذر قولا لأحمد . وهو قول أكثر أهل العلم منهم النخعي , والثوري , ومالك والليث , والشافعي وأصحاب الرأي … لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا نسي أحدكم , فليسجد سجدتين) ؛ وهذا يتناول السهو في موضعين ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سها فسلم , وتكلم بعد صلاته ، فسجد لهما سجودا واحدا .

ولأن السجود أُخِّرَ إلى آخر الصلاة , ليجمع السهو كله ؛ وإلا فَعَلَه عقيب سببه .

ولأنه شرع للجبر، فجبر نقص الصلاة , وإن كثر , بدليل السهو مرات من جنس واحد , وإذا انجبرت، لم يحتج إلى جابر آخر …” انتهى من “المغني” (1/387).

2-وأما على القول بسنية الصلاة الإبراهيمية : فلا يجب العود للإتيان بها، وكذا لا يجب سجود السهو لذلك.

3-وعلى القول بوجوب هذه الصلاة : فإنه يجب لنسيانها سجود السهو، فتجبر بالسجود، ولا يعود المصلي للإتيان بها.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” من نسي الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ماذا يلزمه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ينبني علي حكم الصلاة علي النبي في التشهد الأخير ، فمن قال إنها سنة ، قال : لا يلزمه شيء ؛ لأن ترك السنن في الصلاة لا يلزمه به شيء .

ومن قال : إنها واجب قال : إن تعمد تركها بطلت صلاته ، وإن نسيها جبرها بسجود السهو . ومن قال : إنها ركن،  قال : إن تعمد تركها بطلت صلاته ، وإن نسيها فلا بد أن يأتي بها، وعليه سجود السهو.

والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله عند أصحابه : أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركن ، لا تصح الصلاة إلا به” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (8/ 2).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ” من نسي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ما حكمه؟

فأجاب: قد ذكر النووي والحافظ ابن القيم وغيرهما في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أقوالا ثلاثة:

الأول: أنها فرض لا تسقط لا عمدا ولا سهوا، روي ذلك عن عمر وابنه وابن مسعود وأبي مسعود الأنصاري، وقال به الشعبي من التابعين، وذهب إليه الشافعي وأحمد في المشهور عنه.

والقول الثاني: أنها واجبة، بمعنى أن من تركها عمدا بطلت صلاته، ومن تركها سهوا أجزأته صلاته، وهو قول ابن راهويه، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها الخرقي، وذكر في المغني: أنها ظاهر مذهب أحمد رحمه الله.

وحجة القولين: ما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية كعب بن عجرة وأبي سعيد وأبى حميد وأبي مسعود الأنصاري وغيرهم، وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: أمرنا الله أن نصلى عليك، فكيف نصلي عليك، قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد هذا لفظ البخاري، في أحاديث الأنبياء من كتاب بدء الخلق من صحيحه من رواية كعب بن عجرة رضي الله عنه، وله ألفاظ أخر عند البخاري ومسلم وغيرهما، ولكن هذا اللفظ الذي ذكرناه هو أتمها وأكملها.

وفي حديث أبي حميد جعل بدل آل محمد أزواجه وذريته، وهو مفسر لمعنى الآل في بقية الأحاديث.

وأي لفظ أتى به المصلي من الألفاظ الصحيحة أجزأه، وحصلت به السنة، ولفظ حديث أبي مسعود عند مسلم قال: قال بشير بن سعد: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ فسكت، ثم قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم .

وأخرجه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي وابن حبان والحاكم بلفظ: فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ قال الدارقطني: إسناده حسن، وصححه الحاكم.

ففي هذه الأحاديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه، وقد صرح في حديث بشير المذكور أن ذلك في الصلاة، والأمر يقتضى الوجوب، كما قد علم في كتب الأصول، وقد أمر الله بذلك في كتابه في قوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا والأحاديث المذكورة تفسير الصلاة والسلام المذكورين في الآية.

والقول الثالث: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سنة، لا شيء على من تركها مطلقا، وهو قول أكثر الفقهاء، ورواية عن أحمد اختارها بعض أصحابه، لكنه أضعف الأقوال؛ لمخالفته ظاهر الأحاديث المذكورة.

وقد بسط القول في هذه المسألة النووي في شرح المهذب، والعلامة ابن القيم في جلاء الأفهام، ونقل كلامهما وبسط القول في هذه المسألة يطول، وفيما أشرنا إليه كفاية.

إذا عرفت ذلك، فعلى القول الأول: من تركها ناسيا لزمه أن يعود إلى الصلاة، فيأتي بها ثم يسلم ويسجد للسهو، والأفضل أن السجود هنا يكون بعد السلام؛ لأنه قد سلم عن نقص، فأشبه ما جاء في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، وإن سجد قبل السلام أجزأه. وإن طال الفصل لزمه أن يستأنف الصلاة كسائر الأركان.

وعلى القول الثاني إن ذكر قريبا سجد للسهو، وإن طال الفصل سقط عنه السجود وتمت صلاته، وهذا القول أقرب عندي؛ لحديث فضالة بن عبيد عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: عجل هذا، ثم دعاه فقال له: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء انتهى. ولم يأمره بالإعادة، والظاهر والله أعلم أن ذلك لجهله، فيستدل به على سقوطها عن الجاهل بوجوبها، ومثله الناسي، وتقدم لك أن هذا قول إسحاق، ورواية منصوصة عن أحمد، اختارها من ذكر آنفا، وعلى هذا القول تجتمع الأحاديث الواردة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والأخذ بالقول الأول أحوط؛ لما فيه من العمل بكل الأحاديث والخروج من الخلاف.

واعلم أن المعتمد عند القائلين بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: أن الواجب منها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقط دون الصلاة على آله وما بعدها، لكن ينبغي للمؤمن أن يأتي بها على الصفة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، ولا يترك منها شيئا؛ لأن ظاهر تعليمه لهم يقتضي وجوب ذلك، وقد فسر به النبي صلى الله عليه وسلم الأمر القرآني، فالسنة أن يأتي بها المصلي على الوجه الذي أرشد إليه عليه الصلاة والسلام؛ لأن ذلك أكمل في الاتباع وأحوط للدين. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (29/ 297).

والحاصل :

أن ما قمت به صحيح ، وهو لازم على مذهب الشافعية والحنابلة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android