أريد الحكم في امتهان الفتيات مؤخرا مهنة تسمى بالبلوجر أو الفاشونيستا الإسلامية، أو الموديل المحجبة، ويرفعون صورا لهم بكامل زينتهم، مع العلم أنهن يلبسن ملابس واسعة، ولكن الوجه والأقدام ظاهرة، ويلبسن أجمل الثياب، ويتصورن بكاميرات من شباب رجال أو فتيات، ويرفعونها على كل مواقع التواصل، وخصوصا الانستجرام، يطلبن بذلك الشهرة والمتابعين، حيث أني أقدمت على خطبة فتاة، وتم فسخ خطبتنا بسبب إرادتها وطلبها لمزاولة هذا العمل، وبعد الفسخ تعمل به الآن، علما بأن والدها متدين. فما توجيهكم ونصيحتكم؟
حكم عمل المرأة كموديل إسلامي ونشر صورها لعرض الملابس على مواقع التواصل
السؤال: 348090
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز للمرأة أن ترفع صورتها على الإنترنت كاشفة لوجهها أو قدميها، لوجوب ستر الوجه على ما دل عليه القرآن والسنة، وهو المعتمد عند جمهور الفقهاء المتأخرين، كما سبق بيان في جواب السؤال رقم : (263354)، ورقم : (11774).
وكذا يجب عليها ستر قدميها عن الرجال الأجانب في قول جمهور الفقهاء، وينظر: جواب السؤال رقم: (153367).
والتصوير مع لباس الزينة، منكر آخر؛ لما تقرر في شروط لباس المرأة المسلمة : ألا يكون ذلك اللباس زينة في نفسه، تلفت أنظار الرجال إليها.
قال الشيخ الألباني، رحمه الله:
" الشرط الثاني: "أن لا يكون زينة في نفسه" ؛ لقوله تعالى في الآية المتقدمة من سورة النور:
وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النور: 31] ؛ فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة ، إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها، ويشهد لذلك قوله تعالى في [الأحزاب: 33] : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى .
وقوله -صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيًا، وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم" .
و"التبرج: أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل".
والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة، فلا يعقل حينئذ أن يكون الجلباب نفسه زينة ، وهذا كما ترى بين لا يخفى . ولذلك قال الإمام الذهبي في "كتاب الكبائر" "ص 131": "ومن الأفعال التي تُلْعَن عليها المرأة : إظهار الزينة، والذهب واللؤلؤ تحت النقاب، وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت، ولبسها الصباغات والأزر الحريرية، والأقبية القصار، مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام، وتطويلها؛ وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه، ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة، ولهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء قال عنهن النبي -صلى الله عليه وسلم: "اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء". …
قلت: ولقد بالغ الإسلام في التحذير من التبرج، إلى درجة أنه قرنه بالشرك والزنى والسرقة وغيرها من المحرمات، وذلك حين بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء على أن لا يفعلن ذلك، فقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: "جاءت أميمة بنت رُقَيقة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تبايعه على الإسلام فقال: "أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئًا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى"انتهى، باختصار، من "جلباب المرأة المسلمة" (119-121).
وأما إذا كانت تلبس ما يبرز مفاتنها، أو يظهر شيئا من عورتها: فإن ذلك لا يعتبر لباسا، وصاحبته كاسية عارية، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا رواه مسلم (2128).
وكون المصور لهن رجلًا أجنبيًا منكر فوق ما سبق، لأنه يراهن في الواقع، ورؤية الواقع أعظم فتنة من رؤية الصورة.
وكيف يسمح أب متدين لابنته بذلك؟! وأن تعرض صورتها فيراها مئات الناس، وهي في حالة تدعو للفتنة وتغري بالشر؟ نسأل الله العافية.
وإن مما يؤسف له أن بعض الناس يظنون أن المطلوب ستر بالبدن بأي لباس؛ مهما كان زينة في نفسه، ومثل هذا اللباس يحتاج إلى لباس يستره! فإنما شرع اللباس لستر الزينة، لا لأن يكون زينة.
وينظر في شروط لباس المرأة: جواب السؤال رقم : (6991).
ولا تأس على فسخ الخطبة ؛ فإن الإنسان لا يدري أين الخير، قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ البقرة/216
ولا حرج عليك في نصح ولي أمرها، فإن التناصح صفة المؤمنين، والمؤمّل منه أن يستجيب، وأن يزجر ابنته عن فعل القبيح ؛ فإنه غدا مسئول عنها بين يدي الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ رواه البخاري (7150)، ومسلم (142).
وقال: إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ رواه ابن حبان، وصححه الألباني في "غاية المرام" برقم 271
نسأل الله أن يحفظ نساء المسلمين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة