أنا أبلغ من العمر ٣٠ سنة، وأحمل شهادة الماجستير، وعُرضت علي وظائف كثيرة من شركات كبرى ووزارات وهيئات ولكني رفضتها، بسبب بيئات العمل المختلطة، وقد اتهمت في هذه الأثناء بالتشدد، وأن الدنيا قد تغيرت، ويجب أن أرضى بالواقع، وأعمل في أماكن مختلطة، ولكني لا أكترث بأقوالهم أبداً، ولكن الآن عُرضت علي وظيفة جعلتني في حيرة من أمري. والوظيفة في المجموعة الشرعية لأحد البنوك الإسلامية في قسم الرقابة الشرعية، كمراقب شرعي، ومن المهام التي أقوم بها أني أراقب الإدارات، وأقسام البنك، والفروع، هل المعاملات التي يقومون بها وفق الضوابط الشرعية الصادرة من الهيئة الشرعية التابعة للبنك أم لا، والذي جعلني في حيرة هو أن العمل فيه خير فهو أمر بمعروف ونهي عن منكر في جانب المعاملات المالية، ولكن في المقابل أن الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية تصدر فتاوى بإباحة بعض المعاملات التي تخالف فيها المجامع الفقهية وفتاوى العلماء، وفي منظور الهيئة الشرعية التابعة للبنك أن هذه الأمور إذا كانت وفق ضوابط معينة وشروط فهي تكون مباحة، وهذا هو اجتهادهم. وأنا أذهب إلى ما تذهب إليه المجامع الفقهية وأكثر العلماء، وليس ما أفتت به الهيئات الشرعية التابعة للبنك، وهذا ما أدين الله به، لذلك أنا في حيرة، هل أقبلها لما فيها من خير، وتلك الفتاوى يتحمل أمانتها عند الله الهيئة الشرعية وهو اجتهادهم؟ أو أرفضها، وأبقى عاطل عن العمل كما هو وضعي الآن، لأن عملي سيكون قائم على ما أصدرته الهيئة من فتاوى مخالفة للمجامع الفقهية كالتورق المنظم، وبيع المعادن الغير متحركة وغيرها مما هو معلوم؟
ما حكم العمل مراقبا شرعيا، مع مخالفته لبعض قرارات الهيئة الشرعية للبنك ؟
السؤال: 348956
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
حكم العمل مراقبا شرعيا في بنك
لا حرج في العمل مراقبا شرعيا في بنك من البنوك، ليراقب مدى التزام الإدارات وأقسام البنك والفروع بالضوابط الصادرة من الهيئة الشرعية التابعة للبنك، إذا كانت الهيئة ليست معروفة بالتساهل وكثرة المخالفة لما عليه قرارات المجامع الفقهية وفتاوى كبار العلماء.
ومعلوم أن مسائل المعاملات فيها خلاف كثير، بعضه سائغ معتبر، كالخلاف فيما يشترط قبضه من السلع قبل بيعه، والخلاف في الهدايا على القروض قبل الوفاء إذا كانت بلا شرط، ونحو ذلك.
ومن الخلاف ما هو غير معتبر، كالخلاف حول المعاملات الربوية، وما كان حيلة ظاهرة على الربا، فيدخل في ذلك: الإقراض بالربا، والتعامل بالسندات، وفرض غرامة على التأخر في سداد الدين، والاتجار في الأسهم المختلطة، والتعامل بالتورق المصرفي المنظم، والمرابحة العكسية أو التورق العكسي، وأخذ نسبة على السحب ببطاقة الائتمان غير المغطاة، وإعادة جدولة الدين، وكل حيلة تستعمل لقلب الدين على المدين.
فهذا المسائل لا يسوغ فيها الخلاف، وفيها قرارات من المجامع الفقهية بالمنع، مع ظهور أدلتها وإمكان إلحاقها بما قرره عامة الفقهاء أو جمهورهم قديما.
وعليه؛ فالعمل في مجال الرقابة المذكور يختلف باختلاف حال الهيئة الشرعية القائمة على البنك:
فانظر قرارات الهيئة، وقارنها بما تعلم من قرارات المجامع العملية المعتبرة، وفتاوى كبار أهل العلم، فإن وجدت بعدا ظاهرا عنها، وميلا نحو التساهل، أو التحيل على ما هو مقرر: فاجتنب هذا العمل.
وإن كان الخلاف فيما يسوغ فيه الخلاف: فلا حرج في عملك، ولو كنت في خاصة نفسك ترى قولا مخالفا لما ذهبت إليه الهيئة، فإن في اشتراط الاتفاق على جميع المسائل حرجا لا يخفى، وهو متعذر غالبا، وقرارات المجامع نفسها تؤخذ بالأغلبية وتنسب للمجمع على العموم مع وجود المخالفين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب