0 / 0
2,87913/03/2022

إذا بيع متاع المفلس أو بيع الرهن في المزاد فهل يشترط أن يكون بثمن المثل؟

السؤال: 357422

بعد النظر في شروط بيع المزاد، وهو أن يباع بالمثل، لكن هناك عدة نقاط لابد من توضيحها:
1. كثير أو معظم المحاكم تبدأ المزاد بقيمة صفر، وهنا يصبح من الصعب بيعها بالمثل، أو حتى بالقريب من المثل.
2. من واقع الحال فإن معظم المزادات فعليا تباع بسعر النصف أو غالبا ٦٠٪ من القيمة المقدرة، و لولا ذلك لن تباع أصلا، إما بسبب الحالة الافتصادية، وفعليا هكذا جرت العادة ٦٠٪، وبالتالي لن يتحقق الهدف المنشود من إعادة المال من المدين إلى صاحبه الدائن.
3. وعادة من يقوم بالشراء هم تجار المزادات الذين يشترون السلعة، وقد يصل إلى سعر ٤٠ إلى ٧٠ ٪ من قيمتها، حتى يبيعها لاحقا، أي بعد سنة، أي إنهم يستثمرون أموالهم في هذه البيوع، شراء السلعة من المزاد بسعر منخفض نسبيا، وبيعها لاحقا ممكن بعد سنة أو سنتين بحسب السوق، فهو يبتغي بشراء المزاد أن يحقق عائدا ماليا خصوصا بعد استثمار سنة ونصف.
5. أعرف حالات لأشخاص كان يمتلك سيارة بمبلغ 7 آلاف دينار أردني، وقد طالبه البنك بقيمة 3 آلاف دينار، فعمد إلى سيارته فباعها بقيمة 4 آلاف ونصف، وسدد قيمة الدين الذي عليه، وهو يبتغي بذلك أن يحمي نفسه من السجن، أي أنه رضي بخسارة 35 بالمئة؛ حتى لا يسجن، وكان راضيا طبعا بذلك، وهنا يبحث عن البيع السريع (يشبه المزاد) يكون بقيمة ٦٠ ٪، كأن هذه النسبة هي العرف، والعرف يؤخذ به في الإسلام بشروط معينة.
السؤال الآن:
بالنظر إلى النقاط أعلاه ما هي النسبة التي إذا بيع به المزاد كان جائزا، و لم يكن بخسا بحق المدين، هل هي ٥٠ ٪، أم ٧٠ ٪، أم أكثر ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

يباع متاع الإنسان لسداد دينه، في صور، منها: لو حُجر على المفلس ، وهو من لا يفي ماله بدينه، وطالب غرماؤه بالحجر عليه ، فإن القاضي يبيع متاعه ليوفي غرماءه، إذا كان متاعه من غير جنس الدين.

ومنها: لو رهن شيئا ولم يسدد دينه، باع الحاكم الرهن، أو باعه العدل وهو من يحفظ عنده الرهن، أو باعه المرتهن بإذن الراهن أو باتفاق سابق بينهما.

ويشترط في الجميع أن يكون البيع بثمن المثل.

قال في “كشاف القناع” (3/ 433): “(ويستحب) للحاكم أو أمينه (أن يبيع كل شيء في سوقه)؛ لأنه أحوط، وأكثر لطلابه. (ويجوز) بيعه (في غيره) أي غير سوقه، لأن الغرض تحصيل الثمن، كالوكالة، (وربما أدى الاجتهاد إلى أنه) ، أي بيع الشيء في غير سوقه ، (أصلح) من بيعه في سوقه ، (بشرط أن يبيعه بثمن مثله المستقر في وقته) ، أي وقت البيع ؛ فلا اعتبار بحال الشراء ، (أو أكثر) من ثمن مثله ؛ فإن باع بدون ثمن المثل لم يجز. لكن مقتضى ما يأتي في الوكالة: أنه يصح ويضمن النقص” انتهى.

وقال في “مغني المحتاج” (3/ 71): ” (ولا يبيع العدلُ) المرهونَ (إلا بثمن مثله، حالاً من نقد بلده)، كالوكيل، فإن أخل بشيء منها لم يصح البيع، لكن لا يضر النقص عن ثمن المثل بما يتغابن به الناس، لأنهم يتسامحون فيه ” انتهى.

وعلم من هذا: أنه لا يجوز أن يبدأ المزاد بسعر صفر، ولا بسعر أقل من ثمن المثل، ولا يجوز للقاضي أو غيره أن يبيع بأقل من ثمن المثل، إلا أن يكون النقص يسيرا مما يتسامح الناس فيه.

ثانيا:

إذا حصل كساد ونزول في الأسعار فهل يباع مع ذلك؟

الجواب: الأصل أنه لا يباع إلا بعد ارتفاع الأسواق، إلا إذا كان المتاع مما يُخاف عليه التلف، كحيوان وطعام، أو لم يُرجَ ارتفاعُ الأسواق.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: “قد جرى إطلاعنا على البرقيات المرفوعة ….، بصدد الأرضين التي بأيديهم هم وأمثالهم، ونزلت قيمتها النزول الفاحش، وبائعوها عليهم يطالبون بأثمانها.

وأعرض لسموكم أن هذه المسألة، أعني (مسألة الأراضي) التي اعتراها نزول القيمة النزول الفاحش: أمرها واضح في كلام أهل العلم، قال في (كتاب الإنصاف) في الحجر على المفلس: وقوله: ويبيع كل شيء في سوقه. أي يشترط أن يبيعه بثمن مثله المستقر في وقته أو أكثر، ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره، واقتصر عليه في الفروع.

وسئل الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله عن بيع عقار الميت لوفاء دينه إذا خيف عليه التلف، وهل للمَسْغَبة تأثيرٌ في البيع؟

فأجاب: بيع العقار إذا خيف عليه التلف خير وأولى من تلفه، والمسغبة لا تأثير لها في البيع، وعبارة بعضهم: إذا كسد العقار كساداً ينقصه عن مقاربة ثمن المثل، ويضر بالمالك؛ فلا يباع حتى تعود الرغبة، وهذا القول محله إذا أُمِن التلف، ولم يُرج زوال الرغبة، مع حياة المدين..

وأما مع موته، فلا حق للورثة إلا فيما أبقته الديون والوصايا. وليس للحاكم منعهم من استيفاء الدين والحالة هذه.

وسئل الشيخ حسن بن حسين بن علي رحمهم الله: هل يباع الملك في وقت كساد الأملاك وغور المياه والجدب بغير اختيار من المالك لوفاء دينه، أم لا؟

فأجاب: لا يباع العقار في الدين بكساد، لأنه يرجى نفاقه بثمن المثل في العادة الماضية، أو قريب منها. وشيخ الإسلام ابن تيمية يرى عدم الإجبار على البيع إذا حصل الكساد الخارج عن العادة لجدب ونحوه. وعليه فلا يلزم بيعه والحالة هذه. اهـ.

وسئل والدي الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف رحمهما الله عن امتناع ورثة المدين من قضاء دينه …

فأجاب : كثير من الناس لو يخلى ونفسه ما دان الله بقضاء دينه، فضلاً عن دين غيره، ولكن الواجب عليه القيام بما يلزم، وإجبار من حُكيت حاله على بيع العقار وقضاء الدين، لا سيما إذا كان المدين ميتاً، فقضاء دينه على الفور. فكيف والغريم له رهن. ولو كان الراهن موجوداً وامتنع عن بيع الرهن بعد حلول الدين، باع عليه الحاكم كما لا يخفى، فهذا أولى. اهـ. ومثل هذا في كلام العلماء معروف.

وإذا علم هذا فما بقي إلا التطبيق في واقع حال هؤلاء الذين رفعوا تلك البرقيات وغيرهم ممن علقت بذممهم أقيام تلك الأرضين النازلة القيمة، من ثبوت عسرتهم أو ميسرتهم، وهل يرجى زوال هذا النزول الفاحش أو عدمه.

وهذا ليس له إلا هيئة قضائية نرى أن تشكل من: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ صالح بن غصون قاضي شقراء حالياً، فيُعَمَّدان بذلك، ويُعهد إليهما بمباشرة تلك المهمة، وبذلك يُتوصل إلى الحل إن شاء الله” انتهى من “فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم” (8/ 19).

ثالثا:

إذا بيع المتاع بنقص كثير عن ثمن المثل، بلا ضرورة كخوف تلفه، فالظاهر أنه لا يجوز شراؤه؛ لأنه بيع بغير حق، فلا يصح.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “وقوله: فإن أصر ولم يَبِع ماله، باعه الحاكم، وقضاه. باعه الهاء تعود على المال، والحاكم القاضي، وكلما جاءت كلمة الحاكم، فالمراد به القاضي، لكن لو أنه جَعَلَ هيئةً للنظر في الديون، صارت هذه الهيئة تتولى شؤون الديون، ولا يتولاها الحاكم.

مسألة: هل يجوز أن يشتري الناس والمالك لم يرضَ؟

يجوز، لأنه بيع بحق، والبيع لا يصح إذا كان مكرهاً بغير حق، أما إن كان بحق فلا بأس به” انتهى من “الشرح الممتع” (9/ 273).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android