يوجد جمعية تقوم بالإقراض على طريقتين:
الأولى : بأن يقوم الشخص بعد تحديد مبلغ القرض الذي يريده وتحديد عدد الأقساط (الأشهر)، بدفع القسط الشهري حتى إذا بلغ مجموع الأقساط 40% من مبلغ القرض، تقوم الجمعية بدفع القرض كاملا له، ويستمر فيما بعد بإكمال الأقساط حتى الإنتهاء من المبلغ كاملا مع دفع نسبة 7% من قيمة القرض، تسميها الجمعية أجور تنظيمية.
الطريقة الثانية: نفس المبدأ مع إضافة أن يكون هناك قرعة شهرية للأشخاص المشتركين، ومن يربح القرعة يأخذ القرض، حتى وإن كان من أول شهر، وفي حال لم يربح القرعة فإنه يستحق القرض بعد دفع 40% من قيمة القرض، ولكن النسبة في هذه الطريقة تكون أكثر 8% مثلاً، وتقول الجمعية أنه بسبب زيادة المصاريف في حال القرعة.
فهل هذا ربا؟ وهل يجوز الاقتراض من هذه الجمعية؟
حكم جمعية تقرض الناس بشرط فائدة 7% وبشرط أن يدفع المقترض أولا 40% من القرض
السؤال: 357691
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يحرم الاقتراض بالصورة الأولى لأمرين:
1- اشتراط أن يدفع المقترض 40 % من القرض مقدما، وهذا من اشتراط القرض في القرض وهو محرم.
ووجه كون ذلك قرضا: أن القرض أخذُ مال للانتفاع به، مع ضمانه ورد بدله، وهذه الأربعون تأخذها الجمعية وهي ضامنة لها، وتنتفع بها.
فالمسألة من باب: أسلفني وأسلفك، فكأن الجمعية تقول: أسلفني 40 لأسلفك 100، وهذا محرم لكونه قرضا جر نفعا.
قال الدكتور عبد الله بن محمد العمراني في رسالته “المنفعة في القرض” ص 202: “وصورتها أن يقول المقرض للمقترض: أقرضك كذا بشرط أن تقرضني بعد ذلك غيره. أو أن يقول المقترض للمقرض: أقرضني كذا وأقرضك بعد ذلك غيره.
فهي عبارة عن قروض متبادلة بين المقرض والمقترض.
وقد نص المالكية والشافعية والحنابلة على عدم جواز هذا الاشتراط، وعلى المنع منه، ولم أجد للحنفية نصا في هذه المسألة، ويتخرج على قواعدهم القول بالمنع أيضا”.
ثم ذكر دليل المنع، وهو “أن هذا الاشتراط يجر منفعة للمقرض، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض يجر منفعة للمقرض فهو حرام.
والمنفعة في هذا الاشتراط: أن المقرض ينتفع بالقرض الثاني من المقترض، ولا يقابل هذه المنفعة شيء سوى القرض الذي أعطاه إياه” انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: “ما حكم الإقراض لشخص، على أن يرد ذلك القرض في مدة معينة، ويقرضني مثل هذا المبلغ لنفس المدة الأولى، وهل يدخل هذا تحت حديث: كل قرض جر نفعا فهو ربا، علما بأن طلب الزيادة لم يشترط؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج: لا يجوز هذا القرض لكونه يتضمن اشتراط قرض مثله للمقرض، وذلك يتضمن عقدا في عقد، فهو في حكم بيعتين في بيعة، ولأنه يشترط فيه منفعة زائدة على مجرد القرض، وهي أن يقرضه مثله، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض يتضمن شرط منفعة زائدة، أو تواطؤا عليها، فهو ربا.
أما حديث: كل قرض جر منفعة فهو ربا فهو ضعيف، ولكن ورد عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ما يدل على معناه، إذا كان ذلك النفع مشترطا أو في حكم المشترط أو الدين ” انتهى من “فتاوى ابن باز” (19/ 293).
2- اشتراط دفع نسبة 7% من مبلغ القرض، وهذا ربا صريح، ولا عبرة بتسمية الجمعية ذلك أجورا تنظيمية، فإن عملية الإقراض وتنظيم ذلك، لو احتاجت أجرة لكانت مبلغا مقطوعا لا يرتبط بملغ القرض ولا يزيد بزيادته.
وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا مشروطا للمقرض، فهو ربا.
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (6/ 436): ” وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك؛ أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ” انتهى.
ثانيا:
يحرم الاقتراض بالصورة الثانية لاشتمالها على المحذورين السابقين، فمن لم تصبه القرعة، دفع 40 % من القرض، ثم أُقرض بفائدة 7%، ومن أصابته القرعة لم يدفع الأربعين، لكن دفع 8% فائدة على القرض.
والحاصل:
أن نظام الجمعية قائم على الربا المجمع على تحريمه والملعون فاعله، فلا يجوز الاشتراك فيه.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب