يوجد في مكتبي جمعية تعاونية، حيث يمكن للأشخاص التواصل معهم لشراء الأشياء التي يحتاجونها، لكن لا يمكنهم أن يدفعوا ثمنها فورا، تقوم الجمعية بشراء البضائع، وبيعها للشخص الذي يدفع على أقساط، السعر يشمل الآن ربح الجمعية، عادة ما يكون لدى الجمعية وكيل يستحوذ على السِّلعة قبل تسليمها إلى الشخص بمجرّد الاتفاق على السعر الجديد، فهل يمكن للبائع الأصليّ أن يعمل كوكيل للجمعية، خاصة إذا كان ذلك البائع معروفًا من قبل المديرين التنفيذيين للجمعية؟ وأيضا إذا استعار السيد "أ" سيارة من السيد "ب"، وبعد فترة ، قرّر السيد "أ" شراء السيارة من السيد "ب"، ثم اتصل بالجمعية لمساعدته في شراء السيارة، وبالتالي يقوم بالدفع للجمعية على أقساط، فكيف يمكن للجمعية القيام بهذا العمل؟ وهل يمكننا فقط أن ندفع إلى حساب السيد "ب" بما أن السيارة موجودة بالفعل مع السيد "أ"؟
حكم المرابحة إذا كان الزبون سيعود ويبيعها للبائع الأصلي (الحيلة الثلاثية)
السؤال: 359779
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
السؤال غير مفهوم جيدا !!
لكن، وبصفة عامة : إذا كانت الجمعية تشتري السلع وتبيعها بالأقساط، ثم يقوم المشتري ببيعها ليحصل على النقود، فلا يجوز أن يبيعها للجمعية، سواء مباشرة أو لوكيل تابع لها، يستحوذ على السلع!! ولا يجوز بيعها للبائع الذي اشترت منه الجمعية، كذلك ؛ إذا كان عن اتفاق أو تواطؤ؛ لأنه حيلة على الربا، ويجوز أن يبيع لغيرهما.
فإعادة بيعها للجمعية: يسمى بيع العِينة المحرم، وفيها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) رواه أبو داود (2956) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وبيعها للبائع الأول: يسمى الحيلة الثلاثية أو المثلثة. وهي محرمة، وقد أدخلها الحنفية في بيع العينة.
قال في "المحيط البرهاني" (7/304): "اختلف المشايخ في تفسير العينة التي ورد النهي عنها…
قال بعضهم: تفسيرها أن يُدخلا بينهما ثالثاً، فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهماً ويسلمه إليه، ثم يبيع المستقرض من الثالث الذي أدخلاه بينهما بعشرة ويسلم الثوب إليه، ثم إن الثالث يبيع من صاحب الثوب وهو المقرض بعشرة ويسلم الثوب إليه ويأخذ منه العشرة، ويدفعها إلى طالب القرض، فيحصل لطالب القرض عشرة دراهم، ويحصل لصاحب الثوب عليه اثنا عشر درهماً، وهذا حيلة من حيل الربا" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدَهما عرَضا، ثم يبيعه المبتاع لمعامِله المرابي، ثم يبيعه المرابي لصاحبه، وهي الحيلة المثلثة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/28).
وقال ابن القيم رحمه الله: "وللعينة صورة خامسة، وهي أقبح صورها وأشدها تحريماً، وهي أن المترابيين يتواطآن على الربا، ثم يعمدان إلى رجل عنده متاع، فيشتريه منه المحتاج، ثم يبيعه للمُرْبي بثمن حال، ويقبضه منه، ثم يبيعه إياه للمربي بثمن مؤجل، وهو ما اتفقا عليه، ثم يعيد المتاع إلى ربه ويعطيه شيئاً، وهذه تسمى الثلاثية؛ لأنها بين ثلاثة، وإذا كانت السلعة بينهما خاصة فهي الثنائية.
وفي الثلاثية قد أدخلا بينهما محللاً يزعمان أنه يحلل لهما ما حرم الله من الربا، وهو كمحلل النكاح، فهذا محلل الربا، وذلك محلل الفروج، والله تعالى لا تخفى عليه خافية، بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" انتهى من "حاشية ابن القيم على تهذيب السنن، مطبوع مع عون المعبود" (9/250).
ثانيا:
لو استعار شخص سيارة من آخر، ثم أراد أن يشتريها منه، فلا حرج في ذلك، فإن كان لا يملك ثمنها، فيجوز أن يعرض على الجمعية أن تشتريها ثم تبيعها مرابحة له بالتقسيط.
فيشترط حينئذ:
1-أن تشتري الجمعية السيارة لنفسها.
2-أن تنقلها من محل بائعها لو كانت فيه.
3- وإذا كانت السيارة مستعارة – كما في السؤال- فيجب أن تقبضها الجمعية قبل بيعها على الراغب.
4-أن تبيعها للزبون الراغب، وهو من كان مستعيرا للسيارة في سؤالك.
5-أن يخلو العقد من شرط محرم كشرط غرامة على تأخير سداد الأقساط، أو شرط عدم انتقال الملكية إلى المشتري إلا بعد السداد، ولا حرج في شرط حظر البيع والتصرف قبل سداد الأقساط، كما لا حرج في اشتراط ضامن أو كفيل.
6-أن تمتنع الجمعية من المرابحة إذا علمت أن الزبون سيعود ويبيعها لبائعها.
وينظر في ضوابط بيع المرابحة الجواب الشامل (بيع المرابحة للآمر بالشراء) .
وإذا كان المراد من السؤال غير ما ذكرنا فيرجى توضيحه.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب