بارك الله فيكم وفي موقعكم الرائع والمتميز وخلد الله في الصالحات أعمالكم منذ 30 سنة توفيت والدتي رحمها الله، كان عمري وقتها 15 سنة، وأتذكر أنني قمت بالصلاة عليها صلاة الجنازة رفقة شقيقي الأصغر مني. لكن تلك الصلاة لم تكن صحيحة لكوني قد أديتها بالركوع والسجود وهو أمر غير صحيح لكوني علمت لاحقا بعد دفن أمي رحمها الله بسنوات على أن صلاة الجنازة لا يكون فيها الركوع ولا السجود. سؤالي لكم جزاكم الله عنا أحسن الجزاء هو: هل ارتكبت إثما في ذلك وما العمل الذي يتعين على القيام به حاليا للتكفير عن ذلك خصوصا وأنني دائما أرى أمي في منامي، ثم هل صلاة الجنازة على أمي رحمها الله بالطريقة التي قمت بها، وهي غير صحيحة، يوازيها عدم الصلاة عليها؟ أريد حلا لذلك وشكرا على حسن تفهمكم وتعاونكم
صلى الجنازة على والدته بركوع وسجود، فهل يصلي على قبرها بعد 30 سنة؟
السؤال: 360953
ملخص الجواب
من أدى صلاة الجنازة على غير صفتها لم تصح، وكان وجودها كعدمها. والمشروع في حقك الآن أن تصلي صلاة الجنازة على قبر والدتك، فهذا جائز عند بعض الفقهاء ولو طالت المدة، فتجعل القبر أمامك بينك وبين القبلة، وتصلي عليها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
صفة صلاة الجنازة
صلاة الجنازة أربع تكبيرات، يقرأ بعدهن الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للميت، والسلام، ولا ركوع فيها ولا سجود.
ومن أدى صلاة الجنازة على غير صفتها لم تصح، وكان وجودها كعدمها.
والمشروع في حقك الآن أن تصلي صلاة الجنازة على قبر والدتك، فهذا جائز عند بعض الفقهاء ولو طالت المدة، وفي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلا، فَقَالَ: مَتَى دُفِنَ هَذَا ؟ قَالُوا: الْبَارِحَةَ. قَالَ: أَفَلا آذَنْتُمُونِي !؟ قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ" رواه البخاري (1321).
وعن يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه: " أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَأَى قَبْرًا جَدِيدًا، فَقَالَ: مَا هَذَا ؟ قَالُوا: هَذِهِ فُلانَةُ، مَوْلاةُ بَنِي فُلَانٍ، فَعَرَفَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَتْ ظُهْرًا وَأَنْتَ نَائِمٌ قَائِلٌ [أي: في وقت القيلولة]، فَلَمْ نُحِبَّ أَنْ نُوقِظَكَ بِهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: لا يَمُوتُ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلا آذَنْتُمُونِي بِهِ؛ فَإِنَّ صَلاتِي لَهُ رَحْمَةٌ رواه النسائي (2022) وحسنه ابن عبد البر في "التمهيد" (6/271) وصححه الألباني في صحيح النسائي.
وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/239) مجموعة من الآثار عن الصحابة والتابعين ممن صلوا على القبور بعد الدفن: منهم عائشة رضي الله عنها حين صلت على قبر أخيها عبد الرحمن، وابن عمر صلى على قبر أخيه عاصم، وسليمان بن ربيعة وابن سيرين وغيرهم. وكذلك ذكره ابن حزم في "المحلى" (3/366) عن أنس وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم جميعا.
قال ابن حزم رحمه الله "المحلى" (3/366): " أما أمر تحديد الصلاة بشهر أو ثلاثة أيام فخطأ لا يشكل، لأنه تحديد بلا دليل." انتهى.
وقال النووي رحمه الله في المجموع (5/ 247): "وإلى متى تجوز الصلاة على المدفون فيه؟ ستة أوجه: (أحدها) يصلى عليه إلى ثلاثة أيام ولا يصلى بعدها. حكاه الخراسانيون، وهو المشهور عندهم. (والثاني): إلى شهر. (والثالث): ما لم يَبل جسده. (والرابع): يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم موته. (والخامس): يصلي من كان من أهل الصلاة عليه يوم موته، وإن لم يكن من أهل الفرض، فيدخل الصبي المميز. وممن حكي هذا الوجه المصنف في التنبيه وصححه البندنيجي. (والسادس): يصلى عليه أبدا".
ثم قال: "واختلفوا في الأصح من الأوجه (فصحح) الماوردي وإمام الحرمين والجرجاني: الثالثَ. وصحح الجمهور أنه يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة عليه. ممن صرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد والفوراني والبغوي والرافعي وآخرون، قالوا: وهو قول أبي زيد المروزي." انتهى.
وقد ذكرت أن عمرك عند الوفاة كان 15 سنة، فقد كنت من أهل فرض الصلاة عليها، فلك أن تصلي الآن على قبرها، فتجعل القبر أمامك بينك وبين القبلة، وتصلي عليها.
ثم ينبغي عليك أن تكثر من الدعاء لوالدتك، والاستغفار لها، وتتصدق عنها إن كنت ذلك مال، فذلك كله من خير ما بقي لها من برك بها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة