سؤالي متعلق بمسألة نهاية الليل وكذلك بداية النهار المذكورة في كتاب “كشاف القناع”، وكذا في حاشية ابن قاسم، و”مطالب أولي النهى”، و”شرح العمدة” لابن تيمية، أريد أن أعرف مذهب الحنابلة مع دليهم في تحديد نهاية الليل الشرعي، هل يبدأ من غروب الشمس إلي طلوع الشمس أم إلى طلوع الفجر؟ وكذلك هل اليوم يبدأ من طلوع الفجر أم من طلوع الشمس؟
حيث جاء في كتاب “كشاف القناع” صفحة 242 :” وَاللَّيْلُ هُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ غُرُوبَ الشَّمْسِ وَآخِرُهُ طُلُوعَهَا، كَمَا أَنَّ النَّهَارَ الْمُعْتَبَرَ نِصْفُهُ، أَوَّلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَآخِرُهُ غُرُوبُهَا، لِانْقِسَامِ الزَّمَانِ إلَى لَيْلٍ وَنَهَارٍ”. وكذلك حاشية ابن قاسم صفحة 450 “وقال الشيخ: الذي يعتبر نصفه ينبغي أن يكون أوله غروب الشمس وآخره طلوعها، كما كان النهار المعتبر نصفه أوله طلوع الشمس وآخره غروبها، وإن كان من غير التنصيف يكون آخر الليل طلوع الفجر وهو أول النهار، ولعل التنزل الإلهي في قوله صلى الله عليه وسلم حين يبقى ثلث الليل، وفي الآخر، حين يمضي نصف الليل، كذلك تقريبا”.
فهل هذه المسألة خلافية، فيكون الخلاف فيها سائغا؟ وما القول الراجح في نهاية الليل وكذلك بداية النهار مع الدليل؟
هل الليل من غروب الشمس إلى طلوعها أم إلى طلوع الفجر؟
السؤال: 362908
ملخص الجواب
اختُلف في الليل: هل هو من غروب الشمس إلى طلوعها، أم إلى طلوع الفجر الصادق؟ على قولين: القول الأول : أن الليل من غروب الشمس إلى طلوعها، وهو قول أهل الحساب والفلك، وذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في الليل الذي يعتبر نصفه، وتبعه جماعة من الحنابلة. القول الثاني: أن الليل من غروب الشمس إلى طوع الفجر الصادق، وهو مذهب المالكية، وظاهر مذهب الشافعية، واختاره ابن عثيمين، وأفتت به اللجنة الدائمة. وأرجح القولين: القول الثاني. وينظر تفصيل ذلك في الجواب المطول
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
مذاهب العلماء في بداية وقت الليل ونهايته
اختُلف في الليل: هل هو من غروب الشمس إلى طلوعها، أم إلى طلوع الفجر الصادق؟ على قولين:
القول الأول:
أن الليل من غروب الشمس إلى طلوعها، وهو قول أهل الحساب والفلك، وذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في الليل الذي يعتبر نصفه، وتبعه جماعة من الحنابلة.
قال شيخ الإسلام: ” وعلى هذا فينبغي أن يكون الليل الذي يعتبر نصفه، أوله غروب الشمس، وآخره طلوعها، كما أن النهار المعتبر نصفه أوله طلوع الشمس، وآخره غروبها، لانقسام الزمان ليلا ونهارا.
ولعل قول النبي – صلى الله عليه وسلم – في أحد الحديثين: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الذي ينتهي بطلوع الفجر، وفي الآخر : (حين يمضي نصف الليل) يعني الليل الذي ينتهي بطلوع الشمس، فإنه إذا انتصف الليل الشمسي، يكون قد بقي ثلث الليل الفجري تقريبا، ولو قيل: تحديد وقت العشاء إلى نصف الليل تارة، وإلى ثلثه أخرى من هذا الباب لكان متوجها ” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (5/ 324).
لكنه بين أن ” الغالب على لسان الشرع انتهاء الليل إلى طلوع الفجر، وابتداء النهار من حينئذ” انتهى من “شرح العمدة”/ الصلاة، ص178
وقال البهوتي في “كشاف القناع” (1/ 242): ” والليل هنا ينبغي أن يكون أوله غروب الشمس وآخره طلوعها، كما أن النهار المعتبر نصفه أوله طلوع الشمس وآخره غروبها، لانقسام الزمان إلى ليل ونهار” انتهى.
وذكروا هذا أيضا في كراهة الجهر بالقراءة نهارا.
وينظر: “الإنصاف” (2/ 58)، و”شرح المنتهى” (1/ 192).
وهذا القول هو مقتضى النظر كما يقول ابن رشد الجدُّ؛ لانقسام الزمان إلى ليل ونهار، والنهار من طلوع الشمس، ويأتي قوله.
القول الثاني:
أن الليل من غروب الشمس إلى طوع الفجر الصادق، وهو مذهب المالكية، وظاهر مذهب الشافعية، واختاره ابن عثيمين، وأفتت به اللجنة الدائمة.
قال ابن رشد في “البيان والتحصيل” (3/ 97): ” مسألة قال مالك: من حلف ألا يدخل بيتا بليل، فدخل بعد الفجر: لم يحنث، وإن كان قد قال: نهارا فقد حنث.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن النهار في الشرع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ لأن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، فبين بذلك أن طلوع الفجر آخر الليل وأول النهار، وقال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، فقد أفطر الصائم ، فبين بذلك أيضا أن غروب الشمس آخر النهار وأول الليل، فوجب أن لا يحنث من حلف ألا يدخل بيتا بليل إذا دخله بعد الفجر، وألا يحنث من حلف ألا يدخل بيتا بنهار إذا دخله بعد غروب الشمس، ولولا وجوب اتباع ما أحكمه الشرع من هذا؛ لوجب أن يحنث الذي يحلف ألا يدخل بيتا بليل إذا دخله بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، كما يحنث إذا دخله بعد غروب الشمس وقبل مغيب الشفق؛ لأن الذي يوجبه النظر أن يكون النهار من طلوع الشمس إلى غروبها، والليل من غروبها إلى طلوعها” انتهى.
وقال الحطاب في “مواهب الجليل” (1/ 428): ” والمعتبر الليل الشرعي، وهو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، كما صرح بذلك الجزولي، وهو ظاهر” انتهى.
وقال العدوي في “حاشيته على الخرشي” (2/ 4): ” والليل من غروب قرص الشمس إلى طلوع الفجر الصادق ” انتهى.
وقال الفيومي الشافعي في “المصباح المنير في غريب الشرح الكبير” (2/ 561): “اللَّيْلُ مَعْرُوفٌ، وَالْوَاحِدَةُ لَيْلَةٌ، وَجَمْعُهُ اللَّيَالِي بِزِيَادَةِ الْيَاءِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَاللَّيْلَةُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ” انتهى.
ونبه البجيرمي على أن القول الأول قول أهل الفلك.
قال في “حاشيته على الخطيب” (2/ 97): ” وأيضا كلامه يقتضي أن ما بعد الفجر إلى طلوع الشمس من النهار مع أنه من الليل عند علماء الفلك؛ لأن الليل عندهم من غروب الشمس إلى طلوعها” انتهى.
وحكى القولين عن الشافعية في القسم بين الزوجات ليلا، فقال في (3/ 464): ” قوله: (الليل) وهو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر عند بعضهم، أو إلى طلوع الشمس عند بعضهم، لكن قال الزركشي والأذرعي: الوجه الرجوع فيه إلى العرف في أول الليل وآخره ” انتهى.
وأرجح القولين: القول الثاني؛ لظهور دليله.
ويمكن أن يستدل له بقوله تعالى في ليلة القدر: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) القدر/5، وهي ليلة مباركة كلها، فيبعد ألا تكون سلاما كلها، وأن يقتصر فيها السلام إلى الفجر بينما الليلة تمتد إلى طلوع الشمس.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “فالصَّواب إذاً: أنَّ وقت العِشَاء إلى نصف الليل.
ولكن ما المراد بنصف الليل؟ هل الليل من غروب الشَّمس إلى طُلوعها؟ أو من غروب الشَّمس إلى طُلوع الفجر؟
أما في اللغة العربية: فكلاهما يُسمَّى ليلاً، قال في القاموس: الليل: من مغرب الشَّمس إلى طُلوع الفجر الصَّادق، أو الشمس.
أما في الشَّرع: فالظَّاهر أن الليل ينتهي بطلوع الفجر.
وعلى هذا نقول: الليل الذي يُنَصَّفُ من أجل معرفة صلاة العشاء: من مغيب الشَّمس إلى طُلوع الفجر، فنِصْفُ ما بينهما هو آخر الوقت” انتهى من “الشرح الممتع” (2/ 115).
وقال في (4/ 76): “مسألة: ما هو الليلُ المعتبرُ نصفُه؟
الظَّاهر: أنَّه مِن غروب الشَّمس إلى طُلُوع الفجر” انتهى.
وقال في (7/ 395): “وقوله: إلى بعد نصف الليل، هذا منتهى وجوب المبيت على المشهور من المذهب، فإذا انتصف الليل في المزدلفة، انتهى الوجوب؛ فلك أن تدفع، ولا فرق بين العاجز والقادر، ونصف الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، أو إلى طلوع الشمس أيهما أحوط؟ الأحوط إلى طلوع الشمس؛ لأنه أطول فيزيد ساعة ونصفاً تقريباً، فنقول: انتظر زيادة ساعة إلا ربعاً على انتصاف الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وبعد ذلك لك الدفع” انتهى.
وفي “فتاوى اللجنة الدائمة” (24/ 202): “الليل يتفاوت طولا وقصرا كما هو معروف، ويعرف ثلثه بقسمة ساعاته من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على ثلاثة، فالثلث من ذلك من آخر الليل هو ثلث الليل الآخر، وهو جوف الليل الآخر.
عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز” انتهى.
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: “الليل الشرعي يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا الليل الشرعي.
أما الليل الحسابي: فعندهم يبدأ – عند أهل الحساب – من غروب الشمس إلى طلوع الشمس؛ هذا عند أهل الحساب وأهل الفلك” انتهى من موقع الشيخ:
https://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/4427
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب