0 / 0

أجرت عملية جراحية وأصبحت لا تأكل إلا اليسير وتخشى الصوم فهل يباح لها الفطر؟

السؤال: 365711

امرأة قامت بعملية جراحية كبرى، وفوق الكبرى قبل شهر من رمضان، وهي تشكو عدم استطاعتها تناول الطعام إلا الشيء اليسير، وإذا زادت عن الكمية اليسير، فإنها تتقيأ ما تناولته، وهي تخشى إنها لن تقوى على الصيام، فهل تجرب الصيام لترى مدى تحملها للصيام، أم هي معذورة بتركها للصيام؟ وهل يجوز لها أن تترك صيام الشهر بأكمله؟ وإذا كانت معذورة فما هي كفارة الصيام عن كل يوم؟ وما هي كفارة تركها لصيام الشهر بأكمله إن لم تستطع صيامه؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

ظاهر سؤالك أن والدتك ليست مريضة في الوقت الحالي، ولكنها تضطر إلى تقليل الأكل حتى لا تتقيء الطعام، وقلة الأكل قد يترتب عليها: ضرر، أو ضعف محتمل، أو مشقة ظاهرة.

وعلى ذلك يقال:

1- إذا قال الطبيب، العارف بحالتها: إن الصوم يضرها مع هذا الأكل القليل، فإنها تفطر، وتقضي، ولو أفطرت الشهر كله.

2-وإن كان الأمر مجرد ضعف، كالإرهاق، والرغبة في النوم، فهذا لا يبيح الفطر.

والأصل أنها مكلفة بالصوم، فعليها أن تُبيِّت نية الصوم من الليل، وأن تكتفي في سحورها بالأكل الذي لا يضرها، فإن لحقها أثناء الصوم إرهاق أو ضعف لا ضرر عليها منه، وجب عليها الصوم، وحرم الفطر.

وإن غلبها القيء ولم تتعمده: فصومها صحيح؛ لما روى الترمذي (720) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ – أي : غلبه- فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ ) صححه الألباني في “صحيح الترمذي” .

قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (3/23) : “ومن استقاء فعليه القضاء , ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه .

معنى استقاء : تقيأ، مستدعياً للقيء . وذَرَعه : خرج من غير اختيار منه .

فمن استقاء: فعليه القضاء؛ لأن صومه يفسد به . ومن ذرعه فلا شيء عليه.

وهذا قول عامة أهل العلم . قال الخطابي : لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافا ” انتهى .

3-وإن ترتب على ذلك مشقة ظاهرة أثناء الصوم، فإنها تفطر بما يحفظ قوتها ثم تمسك بقية اليوم وتقضيه.

وهكذا تفعل كل يوم، كحال أصحاب المهن الشاقة، كالحداد والخبّاز، ونحوهما.

وفي “الموسوعة الفقهية” (28/ 57): ” قال الحنفية: المُحْتَرِف المحتاج إلى نفقته، كالخباز والحصَّاد؛ إذا علم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه ضرر مبيح للفطر، يحرم عليه الفطر قبل أن تلحقه مشقة ” انتهى.

وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (10/ 233): “لا يجوز للمكلف أن يفطر في نهار رمضان لمجرد كونه عاملا، لكن إن لحق به مشقة عظيمة اضطرته إلى الإفطار في أثناء النهار، فإنه يفطر بما يدفع المشقة، ثم يمسك إلى الغروب ويفطر مع الناس ويقضي ذلك اليوم الذي أفطره” انتهى.

وبهذا تعلم أنه: ما لم يقل الطبيب إن الصوم يضرها، فإنه يلزمها الشروع في الصوم، ثم تنظر هل يصيبها ضعف أو مشقة ظاهرة، فتعمل بما ذكرنا من تفصيل.

ثانيا:

في حال فطر والدتك بأمر الطبيب، أو لحصول المشقة الظاهرة، فإنه يلزمها القضاء فقط.

وأما الإطعام فإنه يكون للمريض الذي لا يرجى برؤه، وللشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذين لا يستطيعان الصوم.

واعلم أنه يمكن أن يعوض الإنسان نقص الأكل بأخذ مكملات غذائية بعد استشارة الطبيب،

والواجب الحذر، بكل حال، من الفطر بغير عذر فإنه من أكبر الكبائر.

قال الذهبي رحمه الله في “الكبائر” ص 64: “وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك) : أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال” انتهى.

ومما صح من الوعيد على ترك الصوم ما رواه ابن خزيمة (1986)، وابن حبان (7491) عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبُعيّ (الضبع هو العضد) ، فأتيا بي جبلا وعِرا، فقالا: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار. ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم) صححه الألباني في “صحيح موارد الظمآن” برقم(1509).

قال الألباني رحمه الله: “هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة” انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android