كراهة تشبيك الأصابع إذا خرج إلى الصلاة حتى يصلي
السؤال: 36801
ما حكم تشبيك الأصابع إذا كان في المسجد ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا من آداب الخروج إلى المسجد التي جاءت بها السنة : أنه لا
يشبك يديه .
عن أَبي ثُمَامَةَ الْحَنَّاط أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ
أَدْرَكَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ قَالَ :
فَوَجَدَنِي وَأَنَا مُشَبِّكٌ بِيَدَيَّ فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ : إِنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا تَوَضَّأَ
أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا
يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ ، فَإِنَّهُ فِي صَلاةٍ ) رواه أبو داود (562) وصححه
الألباني في صحيح أبي داود .
فهذا الحديث دليل على النهي عن تشبيك الأصابع حال المشي إلى
المسجد للصلاة ؛ لأن هذا العامد إلى المسجد في حكم المصلي .
قال الخطابي رحمه الله : ” تشبيك اليد هو إدخال الأصابع بعضها في
بعض , والاشتباك بهما , وقد يفعله بعض الناس عبثاً , وبعضهم ليفرقع أصابعه عندما
يجده من التمدد فيها , وربما قعد الإنسان فشبك بين أصابعه واحتبى بيديه , يريد به
الاستراحة , وربما استجلب به النوم , فيكون ذلك سبباً لانتقاض طهره , فقيل لمن تطهر
وخرج متوجهاً إلى الصلاة : لا تشبك بين أصابعك ؛ لأن جميع ما ذكرناه من هذه الوجوه
على اختلافها لا يلائم شيءٌ منها الصلاة ولا يشاكل حال المصلي ” انتهى من
“معالم السنن” (1/295) .
وقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ذي اليدين في
موضوع سجود السهو بلفظ : ( فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ
فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّه غَضْبَانُ , وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى
الْيُسْرَى , وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ….) رواه البخاري (482) ومسلم
(573) .
ولا منافاة بين هذا وما قبله ؛ لأن هذا التشبيك وقع بعد انقضاء
الصلاة في ظنه صلى الله عليه وسلم , فهو في حكم المنصرف عن الصلاة , ويكون النهي
خاصاً بالمصلى ؛ وبمن قصد المسجد ، لأن ذلك من العبث وعدم الخشوع .
قال الإمام البخاري رحمه الله : ” بَاب تَشْبِيك الأَصَابِعِ فِي
الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ ” وأورد أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبك بين
أصابعه في المسجد وغيره ، منها حديث ذي اليدين المتقدم .
قال الحافظ ابن حجر عن الجمع بين هذه الأحاديث وأحاديث النهي :
” وَجَمَعَ الإِسْمَاعِيلِيّ بِأَنَّ النَّهْيَ مُقَيَّد بِمَا
إِذَا كَانَ فِي الصَّلاةِ أَوْ قَاصِدًا لَهَا ، إِذْ مُنْتَظِر الصَّلاةِ فِي
حُكْمِ الْمُصَلِّي . . ثم قال الحافظ : وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا النَّهْي
عَنْ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ ضَعِيفَة كَمَا قَدَّمْنَا ” انتهى
.
“فتح الباري” (1/565) .
ومما يحسن التنبيه عليه أن من المصلين من يعبث بأصابعه يفرقعهما
, وهذا عبث لا يليق بالمصلي , وهو دليل على عدم الخشوع , إذ لو خشع القلب لخشعت
الجوارح وسكنت .
وعن شعبة مولى ابن عباس قال : صليت إلى جنب ابن عباس ففقَّعت
أصابعي , فلما قضيت الصلاة قال : لا أمَّ لك ! تفقع أصابعك وأنت في الصلاة !
رواه ابن أبي شيبة (2/344) وقال الألباني في “إرواء الغليل” (2/99) : سنده حسن
.
والخلاصة : أن تشبيك الأصابع مكروه لمن خرج إلى الصلاة , حتى
يفرغ من الصلاة ، وأن الجالس في المسجد لا حرج عليه في تشبيك أصابعه إلا إ ذا كان
ينتظر الصلاة ، فيكره له تشبيكها .
والله أعلم .
انظر : “أحكام حضور المساجد” للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان (ص 67-68) .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟