تنتشر هذه الأيام ظاهرة نشر أو وضع صور أناس متوفين بنية طلب الترحم عليهم والدعاء لهم، كثُرت هذه الظاهرة لدرجة أنك لا تكاد تفتح مواقع التواصل الاجتماعي حتي تصادف عشرة أو عشرين صورة لأشخاص توفاهم الله تعالى، وقد يكون هؤلاء ممن توفاهم الله تعالى من عشرات السنين، إضافة الي أنهم يقومون بتزكية المتوفى كقولهم شهيد وهو مقاتل، أو قولهم كان خدوما عندما كان يشغل المنصب الفلاني، وهو في الواقع كان سارقا كذابا، إلي غيرها من أنواع التزكية، كما إنه أصبحت العملية نوعا من تبادل المنفعة فإذا ترحمت على من وضعت صورته أترحم على من تضع صورته في منشورك، وإلا فلا. سؤالي: ما حكم هذا العمل؟ وما هي حدوده ومحاذيره؟
حكم الإعلان عن وفاة شخص ووضع صورته والثناء عليه وطلب الدعاء له
السؤال: 368196
ملخص الجواب
إن كان القصد الإحسان للميت، وترغيب الناس في الخير، وكان الكلام صدقا، فلا حرج بل هو مستحب؛ شريطة ألا يكون فيه كذب، ولا نياحة، ولا بعث للأحزان القديمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا حرج في الإخبار بموت إنسان، وطلب الترحم عليه، ولا حرج في ذكر شيء من أعماله الطيبة، إذا كان ذلك حقيقة لا كذبا.
وطلب الدعاء للميت نوع من البر والإحسان إليه، وترغيب الناس في الدعاء له بذكر عمله الصالح أمر طيب، وهو من الشهادة للمحسن بإحسانه، وقد روى البخاري (1367) ومسلم (949) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : "مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا وَجَبَتْ ؟ قَالَ: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.
وفي ذكر المحاسن ترغيب للأحياء في الخير، ودعوة للتشبه بمن مات صالحا.
ولا يقال: فلان شهيد، وإنما يقال: يرجى له الشهادة، ونسأل الله أن يتقبله في الشهداء، ونحو ذلك، وينظر: جواب السؤال رقم: (175870).
والممنوع في هذا المقام هو ذكر المحاسن للافتخار والتعاظم كما كانت الجاهلية تعمل، أو الكذب فيما يذكر من الصفات.
قال زكريا الأنصاري في "شرح المنهج" (3/ 155): "(ولا بأس بإعلام بموته) للصلاة عليه وغيرها؛ لما روى البخاري أنه – صلى الله عليه وسلم – قال في إنسان كان يقُمُّ المسجد أي يكنسه فمات فدفن ليلا أفلا كنتم آذنتموني به وفي رواية: "ما منعكم أن تعلموني" وصحح في المجموع: أنه مستحب إذا قصد الإعلام لكثرة المصلين .
(بخلاف نعي الجاهلية) وهو النداء بموت الشخص، وذكر مآثره ومفاخره؛ فإنه يكره لأنه – صلى الله عليه وسلم – نهى عن النعي رواه الترمذي وحسنه والمراد نعي الجاهلية".
قال سليمان الجمل في حاشيته عليه: "(قوله أنه مستحب) : أي ولو مع ذكر مآثره ومفاخره ؛ حيث كان قصده من ذلك ترغيب الناس في الصلاة عليه، لا المفاخرة كما هو عادة الجاهلية ولذلك قال بخلاف نعي إلخ اهـ…
(قوله فإنه يكره) : أي إذا كان صادقا فيما يقوله، أما ما يقع الآن من المبالغة في وصفه من المُعْلِم بموته بالأوصاف الكاذبة : فحرام يجب إنكاره اهـ. ع ش" انتهى.
وقال الشيخ ابن جبرين: " لا بأس بنشر الخبر عن وفاة بعض الأشخاص المشهورين بالخير والصلاح، ليحصل الترحم عليهم والدعاء لهم من المسلمين، ولكن لا يجوز مدحهم بما ليس فيهم، فإنَّ ذلك كذب صريح" انتهى من "فتاوى إسلامية" (2/ 106).
ويتأكد المنع أيضا فيما كان على جهة إثارة الأحزان، وتهييج النفوس، لا سيما إذا كان يبعث الحزن على من تقادم موته، ويهيج النفوس على فقده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ".. إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله." انتهى من "منهاج السنة" (4/554).
وقال أيضا: " "وما يهيج المصيبة من إنشاد الشعر والوعظ فمن النياحة، وفي الفنون لابن عقيل ما يوافقه" انتهى، من "المستدرك على مجموع الفتاوى" (3/149).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(82357)، ورقم: (97389).
والحاصل:
أنه إن كان القصد الإحسان للميت، وترغيب الناس في الخير، وكان الكلام صدقا، فلا حرج بل هو مستحب؛ شريطة ألا يكون فيه كذب، ولا نياحة، ولا بعث للأحزان القديمة.
ولا حرج في وضع صورته، فهو نقل لصورة موجودة، وليس ابتداء تصوير.
هذا ، مع أن التصوير الرقمي ووضعه على الإنترنت: لا حرج فيه ما لم تخرج الصورة على شيء ثابت كالورق أو الجدار ونحوه.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة