عندما يطلب مني أبي شيئاً أحس بنوع من الضيق في صدري، ويثقل طلبه عليّ أحياناً، ولكني أفعل ما يطلبه مني، فهل هذا من العقوق وكيف أعالج مشكلة هذا الضيق؟ جزاكم الله خيرا.
هل ضيق الصدر بما يطلبه أحد الوالدين من العقوق؟
السؤال: 372779
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
ضابط العقوق: كل قول أو فعل يتأذى منه الوالد، ما لم يكن طلبه معصية.
نقل العيني عن تقي الدين السبكي رحمهما الله قوله: "إن ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى، قل أو كثر، نَهَيَا عنه أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران أو ينهيان، بشرط انتفاء المعصية في الكل" انتهى من "عمدة القاري" (22/86).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " والعقوق … المراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده، من قول أو فعل، إلا في شرك أو معصية؛ ما لم يتعنت الوالد" انتهى من "فتح الباري" (10/406).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الاختيارات" ص 114: " ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين … وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه" انتهى .
ينظر: فتوى: (461774)، (473322).
ثانياً:
ما تشعر به من الضيق عند تلبية حاجة والدك: إذا كان لا يتجاوز ما تشعر به في قلبك: فنرجو ألا يؤاخذك الله به، ما دام أنه لا يظهر منك تصرف من قول أو فعل يؤذي أباك. بل لعله أن يكون أعظم لأجرك، إن كنت تكظم ما تجده في صدرك، وتقهر نفسك على طاعة الوالد، طلبا لرضا الله تعالى.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم) رواه البخاري (5269).
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "منظومة القواعد والأصول" (ص: 75):
ثم حديث النفس معفو فلا … حكم له ما لم يؤثر عملا
ثالثاً:
لا تتهاون بهذا الضيق، فقد يكبر حتى يظهر على قولك أو فعلك.
وعلاج ذلك بأمور، منها:
– الدعاء.
– التوكل على الله.
– التفكر الدائم لفضل الوالدين؛ فهم سبب وجودك، وسبب تربيتك ورعايتك في صغرك، والنفقة عليك، وأدبك، وتعلمك، …الخ، ويحسن أحياناً أن تكتب هذا حتى يزول ما بك من ضيق، فتفرح بطاعته، وتتقرب إلى الله ببرِّه.
– إدراك أهمية طاعة الوالدين؛ فهي طاعة لله تعالى ولرسوله، وسبب لدخول الجنة، وسبب للألفة والمحبة، فيحدث ذلك شكره، فتشكر الله بشكر والديك. ينظر: جواب سؤال: (5326).
– القراءة الدائمة والاستماع إلى فضل بر الوالدين (التكرار مفيد جداً).
انظر على سبيل المثال: بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بوالديه حسناً}، وما بعده من أبواب من كتاب صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري(ص: 33)، والترغيب في برِّ الوالدين وصلتهما من كتاب "صحيح الترغيب والترهيب" (2/647)، وباب بر الوالدين وصلة الأرحام من كتاب "رياض الصالحين" (ص/118).
– قراءة واستماع سير البارّين بوالديهم.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة