أنا وأصدقائي عملنا تحديا يساعدنا على الانتظام على أهدافنا، مثل المحافظة على الصلاة والأذكار، والاستيقاظ صباحا… إلخ، التحدي هو: أن كل شخص يحدد أهدافا في فترة زمنية محددة، ويحدد عقابا له إذا ما أنجز الهدف، وزملاؤه يحددون له مكافئة إذا أنجز الهدف، مثال ذلك: أنا قررت أن أنتظم على الرياضة وقراءة الأذكار لمده 80 يوما، وإذا فعلت ذلك صديقي يعطيني 2000 جنيه، وإذا ما لم أفعل ذلك، أنا أعطيه 2000 جنيه كعقاب لي، فما حكم التحدي؟ وهل يعتبر قمارا؟
حكم التحدي بين الأصدقاء للمحافظة على الصلاة والأذكار والفائز يكسب مالا والخاسر يدفع
السؤال: 373436
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا العمل غير مشروع، وفيه جملة من المحاذير:
الأول: أنه مسابقة لم يبح الشرع أخذ العوض فيها، فقد روى أبو داود (2574)، والترمذي (1700)، وحسنه وابن ماجة (2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.
والسبَق: ما يُجعل للسابق على سَبْقه، من جُعل أو جائزة، وقال ابن الأثير في "النهاية" (2/ 844): " ما يُجْعل من المَال رَهْنا على المُساَبَقة " انتهى.
الثاني: أن هذا الرهان أو التحدي نوع القمار المحرم.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/239): ما حكم المراهنة والتي تسمى بأنها حق، وما حكمها إذا كانت من طرف واحد، كأن يقول الشخص: إن تم هذا الموضوع فلكم علي حق أن أعزمكم مثلاً؟ وجزاكم الله خيرًا.
ج: لا تجوز المراهنة بالمال إلا فيما استثناه الشارع، وهو: السباق على الخيل، أو الإبل، أو الرماية، وما عدا ذلك من أنواع المراهنات لا يجوز أخذ المال فيه، لأنه من أكل المال بالباطل، ومن الميسر الذي حرمه الله ورسوله، وأما قول الشخص: إن تم لي هذا الأمر فلكم علي كذا، فهذا من باب الوعد، والوفاء به مشروع إذا تيسر ذلك" انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " بعض الناس يراهن فيقول: إذا كان كذا سأعطيك ما قيمته كذا وكذا، والعكس، وهذا يسمونه الرهان، هل هو حلال أم حرام؟
فأجاب: هذا ليس بحلال، بل هو محرم، هذه مراهنة من باب القمار والميسر، الذي قال الله فيه سبحانه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، والميسر هو القمار، مثل: إن كان كذا فكذا، وإن كان كذا، فكذا، وإن كان فلان جاء فلك كذا، وإن كان ما جاء فعليك كذا، أو: إن كان الذي معك حجر أو ذهب، على حسب ما يختلفان فيه، المقصود أن مثل هذه المراهنات تعتبر من جملة الميسر والقمار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصلٍ، أو خفٍ، أو حافرـ) والسبق العوض، يعني: لا عوض إلا في نصلٍ، أو خف أو حافر، يعني: في الرمي وفي مسابقات الخيل، أو المسابقة بالإبل" انتهى من "فتاوى نور على الدرب"(19/300).
الثالث: أن العقوبة بالمال تدخل في باب التعزير، والتعزير إنما يكون للقاضي.
سئلت اللجنة الدائمة عما اتفق عليه أفراد بعض القبائل من فرض غرامات مالية عمن يفعل بعض الأمور.
فكان جوابهم: " هذا إجراء لا يجوز؛ لأنه عقوبة تعزيرية مالية ممن لا يملكها شرعاً، بل مرد ذلك للقضاة، فيجب ترك هذه الغرامات " انتهى "فتاوى اللجنة الدائمة"(19/252).
الرابع: أن في هذا إظهارا للعمل الصالح كالذكر، وهو مدعاة للرياء وحبوط العمل.
سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :
نحن ستة أصدقاء، نجتمع كل 15 يوماً في بيت أحدنا على برنامج يتضمن القرآن والأربعين النووية، ومنهاج المسلم، وموعظة صاحب البيت، ورجال حول الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ والافتتاح بالقرآن والختم بالدعاء، ومن بين برامجنا ورقة نملؤها كل شهر نسميها جدول التنافس، وتتضمن ورداً من القرآن، والصلوات الخمس في المسجد، والصيام وصلة الرحم، وعندما نواظب على ملئها تكون النتائج طيبة، وعند عدم ملئها تكون النتائج سلبية، من تفريط في تلاوة القرآن، فما حكم الشرع في هذا الجدول؟ وجزاكم الله خيراً.
فأجاب :
"الحمد لله، الذي يظهر لي أن اتخاذ هذا الجدول والتنافس على فقراته بدعة، لأنه يتضمن التفاخر والإعجاب بالعمل، ويتضمن كذلك إظهار العمل الذي إخفاؤه أفضل؛ لأن إخفاء العمل من الصدقة وتلاوة القرآن أو الذكر أبعد عن الرياء، قال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) [الأعراف: 55]، وقال: (ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفياً) [مريم: 2-3]، وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) رواه البخاري (660)، ومسلم(1031).
فالذي ينبغي التواصي بالتزود من نوافل الطاعات، والإكثار من ذلك، وكل يعمل ما تيسر له فيما بينه وبين ربه، وبهذا يحصل التعاون على البر والتقوى، وتحصل السلامة مما يفسد العمل، أو ينقص ثوابه، والله الموفق، والهادي إلى سبيل الرشاد، والله أعلم " انتهى من موقع "الإسلام اليوم".
وللشيخ ابن عثيمين رحمه الله فتوى مشابهة، كما في مجموع فتاواه (16/175).
فالواجب إلغاء هذا التحدي، وليعن المؤمن أخاه بتذكيره، ونصحه، والسؤال عن حاله، ونحو ذلك.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب