مات أبي، وترك لنا بيتا، نحن ورثته من زوجتيه، أراد إخوتي من أمنا الصغيرة حصصهم، عرضنا البيت للبيع، وصل سعر المتر 775 ألف للمتر، اتصلنا بهم، وقلنا لهم: تأكدوا من السعر المعروض، وبعد أن تأكدوا، قالوا: نبيع بهذا السعر؟ قال واحد من إخوتي: أنا أتشفع بحصص إخوتي من البيت، وقام بالاتفاق معهم علي سعر 750 ألف، وقد أكرموه في السعر، ولكنه تأخر عليهم بدفع ما اتفق عليه، وفي هذا الوقت ارتفع سعر الأرض إلى 1200 ألف.
سؤلي :
هل الشراء والبيع الذي تم لأخينا صحيح أم لا؟
باعوا نصيبهم من البيت لأخيهم وتأخر في السداد وارتفع سعر الأرض فهل صح البيع وما الذي يلزم ؟
السؤال: 376673
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا باع إخوانك نصيبهم من البيت- مع الإكرام لأخيهم-، فهذا له ثلاثة أحوال:
الأول:
أن يكونوا بالغين راشدين، فالبيع صحيح.
والرشد ضد السفه، والسفيه من لا يحسن التصرف في المال.
وكان على المشتري ألا يتأخر في سداد ما عليه، فإن كان مماطلا فإنه يأثم، لكن لا يلزمه إلا الثمن المتفق عليه ولو ارتفع سعر الأرض.
لكن يحق للبائع – أو البائعين – مع ذلك أن يفسخ البيع من المشتري المماطل، دفعا لضرر مماطلته، ثم إن شاء باعه بعد ذلك، بنفس الثمن الأول، أو أقل منه أو أكثر، أو باع من غيره.
قال الشيخ مصطفى الرحيبان، الحنبلي، رحمه الله:
“(ولا فسخ لبائع بكون مشتر موسرا مماطلا) ؛ لأن ضرره يندفع برفعه إلى الحاكم.
(وقال الشيخ) تقي الدين: بل (له) أي: البائع (الفسخ) إن كان المشتري موسرا مماطلا، دفعا لضرر المخاصمة. قال في ” الإنصاف “: وهو الصواب.
قلت [الرحيباني]: لو رأى فقهاؤنا أهل زماننا وحكامنا، لحذفوا هذا الفرع من أصله، وحكموا بعدم صحة العقد مع الموسر المماطل.” انتهى، من “مطالب أولي النهى” (3/137).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(289260)، ورقم:(280825)، ورقم:(280600).
الثاني:
أن يكونوا غير بالغين، أو غير راشدين، فإن البيع مختلف في صحته، وعلى فرض صحته لوقوعه بإذن وليهم، فإن الهبة أو المحاباة في الثمن لا تصح. وهل يضمنها الولي، أو يلزم المشتري دفعها؟ لم نقف على كلام أهل العلم في ذلك.
قال في “المجموع” (9/185) مبينا مذاهب العلماء في ذلك : ” فرع في مذاهب العلماء في بيع الصبي المميز: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يصح، سواء أذن له الولي أم لا، وبه قال أبو ثور .
وقال الثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق : يصح بيعه وشراؤه بإذن وليه .
وعن أبي حنيفة رواية: أنه يجوز بغير إذنه، ويقف على إجازة الولي.
قال ابن المنذر : وأجاز أحمد وإسحاق بيعه وشراءه في الشيء اليسير؛ يعني: بلا إذن ” انتهى.
وقال الكاساني في “بدائع الصنائع” (6/118) : ” فلا تجوز هبة الصبي والمجنون، لأنهما لا يملكان التبرع، لكونه ضررا محضا لا يقابله نفع دنيوي؛ فلا يملكها الصبي والمجنون، كالطلاق والعتاق ، وكذا الأب لا يملك هبة مال الصغير من غير شرط العوض، بلا خلاف” انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم:(97489).
الثالث: أن يكون قد باع نصيبهم وليهم في المال، فالبيع صحيح، ويغرم الولي الفرق وهو 25 ألفا في المتر؛ لأن الولي يلزمه فعل الأصلح، وليس له أن يحابي في بيع مال من تحت ولايته.
قال في “منار السبيل” (2/550): ” (ويحرم على ولي الصغير والمجنون والسفيه أن يتصرف في مالهم؛ إلا بما فيه حظ ومصلحة)؛ لقوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، والسفيه والمجنون في معناه” انتهى.
وقال في “شرح منتهى الإرادات” (2/175): ” (وحرم تصرف ولي صغير) وولي (مجنون) وسفيه (إلا بما فيه حظ) للمحجور عليه، لقوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن [الإسراء: 34]، والسفيه والمجنون في معناه .
(وإذا تبرع) الولي بصدقة أو هبة ، (أو حابى) ، بأن باع من مال موليه بأنقص من ثمنه ، أو اشترى له بأزيد ، (أو زاد) في الإنفاق (على نفقتهما) ، أي الصغير والمجنون بالمعروف ، (أو) زاد في الإنفاق على (من تلزمهما مؤنته بالمعروف: ضمن) ما تبرع به ، وما حابى به ، والزائد في النفقة؛ لتفريطه” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة