أنا وصديقاتي كنا كل وحدة منا تدفع فلوسا بمعنى \\\” قطية\\\” لنأكل سوياً، كنت أحيانا أدفع بالقليل الموجود لدي، وأحيانا يكن لدي مال، لكن أريده بشيء آخر، فكنت أخجل أن أقول لهم، وادعي أن ليس لدي مال، أو نسيت البطاقة، فهل هذا يعد مالا سُحتا، وإني أكلت مالا حراما ؟ وماذا أفعل، هل أخبرهم، أم ماذا ؟ أنا نادمة حقاً عما فعلت، والحمدلله، بدأت أتخلص من عادة الكذب بفضل الله سُبحانه، وأجاهد بأن لا أكذب، ولله الحمد؟
التهرب من الدفع عند مشاركة الأصدقاء بالطعام!
السؤال: 381114
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إخراج كل واحد من الجماعة ما عنده من طعام ليشتركوا في الأكل من باب التعاون والتسامح، هذا أمر مشروع ومحمود كما في حديث أَبِي مُوسَى الأشعري، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ) رواه البخاري (2486)، ومسلم (2500).
قال النووي رحمه الله تعالى:
” وفي هذا الحديث فضيلة الأشعريين، وفضيلة الإيثار والمواساة، وفضيلة خلط الازواد في السفر، وفضيلة جمعها في شئ عند قلتها في الحضر ثم يقسم، وليس المراد بهذا القسمة المعروفة في كتب الفقه بشروطها ومنعها في الربويات واشتراط المواساة وغيرها، وإنما المراد هنا إباحة بعضهم بعضا ومواساتهم بالموجود ” انتهى. “شرح صحيح مسلم” (16 / 62).
والذي يظهر أن ما جرى بينك وبين صديقاتك من العادة بذلك، هو بمنزلة الشرط العرفي؛ والشرط العرفي هنا، صورته: أن تكون العادة قد جرت بينكن على توزيع تكلفة ذلك عليكن جميعا، بحيث تعاب الواحدة إذا حضرت وشاركت في الأكل، ولم تدفع شيئا.
ففي هذه الحال يجب الالتزام بهذا الشرط.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود (3594)، ورواه الترمذي (1352) من حديث عمرو بن عوف. وصححه الشيخ الألباني؛ فقال رحمه الله تعالى: ” الحديث بمجموع الطرق يرتقى إلى درجة الصحيح لغيره ” انتهى من “إرواء الغليل” (5/145).
فمن أخل بالشرط وأكل معهم مدعيا ضيق حاله وقلة ماله، فقد تعدى وأكل مال الغير بغير إذنه.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) رواه البخاري (2435)، ومسلم (1726).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” قال ابن عبد البر: في الحديث النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئا إلا بإذنه، وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه فنبه به على ما هو أولى منه ” انتهى . “فتح الباري” (5 / 89).
فإذا غلب على ظنك أنهم لا يسامحون في أن تشاركيهم في الأكل، وأنت لم تدفعي، في حال أن معك مالا يمكنك أن تدفعي منه: فتحللي منهم، إن أمكنك ذلك من غير مفسدة زائدة.
فإن خفت أن يفسد ما بينك وبين صديقاتك، أو خفت الفضيحة على نفسك، أو يظهروا على عيبك وما جرى منك؛ فمن الممكن في حالتك هذه أن تتحيني الفرصة بمناسبة تخصك، وتعزمي صديقاتك على الأكل على نفقتك الخاصة، فتعوضي ما أكلت من الطعام، ولم تشاركيهم فيه، وتتحملي أنت وحدك نفقة الطعام كله في بعض المرات.
ولك أن تتحيني مناسبة تخصهم، فتهديهم من الهدايا ما تكافئينهم به على ما أكلت من طعامهم.
لكن، وعلى كل حال: لا يجوز ما صدر منك من كذب وقول زور، لأنا قد أمرنا باجتنابه، فيجب التوبة منه بالندم والعزم على عدم العودة إليه.
قال الله تعالى: ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) الحج/30.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
” أمر في هذه الآية الكريمة باجتناب قول الزور، وهو الكذب والباطل … وكل قول مائل عن الحق فهو زور، لأن أصل المادة التي هي الزور من الازورار بمعنى الميل، والاعوجاج ” انتهى. “أضواء البيان”(5 / 750).
وبإمكانك أن تعتذري عن المشاركة مع صديقاتك بالكلية، ما دام ذلك يضر بمالك، ويضر بحاجاتك الأخرى. وبإمكانك أن تعتذري عن المشاركة في المرة التي لا يفضل من مالك ما تشاركين به معهن.
وأما أن تشاركي معهم في الطعام، ثم تخفي مالك عنهن؛ فهذا معيب، بكل حال!!
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب