هل يحكم القاضي على أحد والديه إذا مثل أمامه في جريمة حدية أو تعزيرية سواء كان هناك قضاة غيره أو لم يكن؟ وإذا كان هناك قاضي، وأحضر أباه في أي جريمة، هل يحكم عليه؟ أم يستقيل من القضاء؟ ولو حكم عليه هل في ذلك نوع من العقوق؟
حكم نظر القاضي في قضية فيها أحد أصوله أو فروعه والحكم له أو عليه
السؤال: 381410
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
للقاضي أن ينظر في قضية فيها أحد أصوله أو فروعه، ويحكم عليهم، وليس له أن يحكم لهم.
وإذا حكم عليهم: لم يكن بذلك عاقا، ولا قاطع رحم.
قال في “كشاف القناع” (6/320): ” (ولا يجوز، ولا يصح: أن يحكم) القاضي (لنفسه)؛ لأنه لا يجوز أن يشهد لها. ويتحاكم هو وخصمه إلى قاض آخر، أو بعض خلفائه؛ لأن عمر حاكم أُبَيَّا إلى زيد، وحاكم عثمانُ طلحةَ إلى جبير.
(و) لا يصح حكمه (لمن لا تقبل شهادته له). ذكره بعضهم إجماعا، كشهادته له.
(وله الحكم عليه)؛ أي: على من لا تُقبل شهادته له، كأبيه وولده، كشهادته عليه … لزوال التهمة ” انتهى.
وفي “مغني المحتاج” (6/289): ” واحترز بالحكم لمن ذُكر، عن الحكم عليهم؛ فإنه ينفذ عليهم” انتهى.
وفي “الشرح الصغير” (4/219): ” (ولا يحكم) الحاكم (لمن لا يشهد له)، كأبيه وابنه، وأخيه وزوجته .
وجاز أن يحكم عليه” انتهى.
وجاء في مجلة الأحكام العدلية ص368: “الْمَادَّةُ (1808) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَحَدًا مِنْ أُصُولِ الْقَاضِي وَفُرُوعِهِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ زَوْجَتَهُ وَشَرِيكَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ ، وَأَجِيرَهُ الْخَاصَّ ، وَمَنْ يَتَعَيَّشُ بِنَفَقَتِهِ.
بِنَاءً عَلَيْهِ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ دَعْوَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَيَحْكُمَ لَهُ.
الْمَادَّةُ (1809) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى مَعَ قَاضِي بَلْدَتِهِ، أَوْ أَحَدِ مَنْسُوبِيهِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ؛ فَإِنْ كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ غَيْرُهُ: تَحَاكَمَا إلَيْهِ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ غَيْرُهُ، تَرَافَعَا فِي حُضُورِ حَكَمٍ نَصَّبَاهُ بِرِضَاهُمَا , أَوْ فِي حُضُورِ نَائِبِ ذَلِكَ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَأْذُونًا بِنَصْبِ النَّائِبِ , أَوْ فِي حُضُورِ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِبَلْدَتِهِمْ .
فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الطَّرَفَانِ بِإِحْدَى هَذِهِ الصُّوَرِ، اسْتَدْعَيَا مُوَلًّى مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ” انتهى.
وجاء في شرحها “المسمى بدرر الحكام” (4/615): “وعبارة “ليس للقاضي أن يستمع دعوى هؤلاء”: هي نفيٌ مرتبط بالحكم، ولنفيه، وليست مرتبطة بالاستماع، ولنفيه.
فلذلك: للقاضي أن يستمع دعوى هؤلاء، وأن يُجري مرافعاتهم.
فإذا ظهر له أن الحق في يد الأخصام، فللقاضي أن يحكم للأخصام ضد هؤلاء؛ إذ ليس في هذا الحكم تهمة، كما أنه قد ذكر في شرح المادة (1700) بأن شهادة القاضي على هؤلاء جائزة.
وإذا ظهر للقاضي أن الحق لهؤلاء لا يحكم لهم” انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” وهل ينفذ حكمه على من لا تقبل شهادته له؟
الجواب: نعم، كما تقبل شهادته عليهم، فيقبل حكمه عليهم” انتهى من “الشرح الممتع” (15/310).
وعلم بهذا أن المذاهب الأربعة على أن القاضي لا يحكم لأصوله وفروعه، ويحكم عليهم.
والواجب على القاضي اتباع النظام المعمول به في بلده؛ فإن منع من النظر في قضايا أقاربه، امتثل لذلك.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب