0 / 0

الحياء وكيفية التخلق به.

السؤال: 381795

ما هو الفرق بين الخجل والحياء؟ وكيف يمكن للشخص التخلص من الخجل ؟ وكيفية التخلق بالحياء؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الخجل هو الحياء ، يقال : "حَجِل الرجلُ ، أي : استحيا" انتهى من "المعجم الوسيط" (ص 219) .

كما يطلق الخجل على الحيرة والتردد التي تصيب المستحيي .

ينظر : لسان العرب (2/1106) .

ثانيا :

"الحياء : خلق يبعث على فعل الحسن ، وترك القبيح" . "الآداب الشرعية" لابن مفلح (2/219) .

وقال النووي في "رياض الصالحين" (ص295) : "قال العلماء : حقيقة الحياء : خلق يبعث على ترك القبيح ، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق" انتهى .

وقد ردت أحاديث كثيرة في فضيلة التخلق بخلق الحياء .

روى البخاري (6117)، ومسلم (165) عن عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ أن النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِى إِلاَّ بِخَيْرٍ  .

وفي لفظ عند مسلم (166) :الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ.

وروى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الحياء والإيمان قرنا جميعا ، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر  صححه الألباني في "صحيح الجامع" (2483) .

ثالثا :

الحياء أقسام ، ولكل قسم منها له أسبابه التي يحصله العبد بها .

1-فهناك الحياء من الله .

ويحصله العبد بطرق :

منها : أن يتأمل نعم الله عليه وكثرتها ، ويرى تقصيره في القيام بشكرها ، فيتولد حينئذ الحياء .

ومنها : أن يتأمل العبد في عظمة الله تعالى وكمال سلطانه ، فيستحيي أن يعصيه أو يخالف أمره ، ويستحيي من كونه لم يوف الله تعالى حقه من العبادة .

ومنها : أن يتذكر العبد اطلاع الله تعالى عليه ، وعلمه بما أسر العبد وأخفى ، فيستحيي أن يراه الله تعالى في موضع نهاه الله أن يكون فيه .

2-وهناك الحياء من الملائكة ، لا سيما الكرام الكاتبون ، أن تراه على شيء قبيح نهاه الله عز وجل عنه ، أو تكتب عليه كلمة تسوؤه يوم القيامة … ونحو ذلك .

وهذا يحصله العبد بأن يستحضر ملازمة الملائكة له باستمرار وعدم مفارقتهم له ، واطلاعهم على ما يفعل .

3-وهناك الحياء من الناس ، فيستحيي الإنسان أن يقصر في حقهم ، أو أن يظهر أمامهم أو يشتهر بشيء قبيح .

4-وهناك الحياء من النفس ، بأن يستحيي الإنسان من نفسه أن يرضى لها بالنقص والمرتبة الدون . فهو دائما في ارتقاء بنفسه وعلو بها . فإذا ما أنزلها استحيا منها .

رابعا :

بعض الناس يلتبس عليهم الحياء بالضعف والمهانة ، فإذا رأى منكرا استحيا أن ينكره ، أو رأى معروفا متروكا استحيا أن يأمر به . أو علم سنة ، استحيا أن يتمسك بها !!

فهذا في الحقيقة ليس حياء ، وإنما هو ضعف ومهانة ، فالحياء يحمل صاحبه على فعل الحسن وترك القبيح –كما سبق- فإذا ترك الإنسان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليس هذا حياء.

وإذا ترك الإنسان ما ندب الشرع إليه ، فليس ذلك حياء .

قال النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" (1/112) :

"وَأَمَّا كَوْن الْحَيَاء خَيْرًا كُلّه ، وَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرِ فَقَدْ يَشْكُل عَلَى بَعْض النَّاس مِنْ حَيْثُ إِنَّ صَاحِب الْحَيَاء قَدْ يَسْتَحْيِي أَنْ يُوَاجِه بِالْحَقِّ مَنْ يُجِلُّهُ ، فَيَتْرُك أَمْره بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيه عَنْ الْمُنْكَر . وَقَدْ يَحْمِلهُ الْحَيَاء عَلَى الْإِخْلَال بِبَعْضِ الْحُقُوق وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوف فِي الْعَادَة .

وَجَوَاب هَذَا ، مَا أَجَابَ بِهِ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة ، مِنْهُمْ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه : أَنَّ هَذَا الْمَانِع الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ بِحَيَاءٍ حَقِيقَة ، بَلْ هُوَ عَجْز وَخَوَر وَمَهَانَة ، وَإِنَّمَا تَسْمِيَته حَيَاء مِنْ إِطْلَاق بَعْض أَهْل الْعُرْف ، أَطْلَقُوهُ مَجَازًا لِمُشَابَهَتِهِ الْحَيَاء الْحَقِيقِيَّ .

وَإِنَّمَا حَقِيقَة الْحَيَاء : خُلُق يَبْعَث عَلَى تَرْك الْقَبِيح ، وَيَمْنَع مِنْ التَّقْصِير فِي حَقّ ذِي الْحَقّ ، وَنَحْو هَذَا" انتهى.

والكلام في الحياء يطول . ومن أراد الاستزادة فينظر : "مدارج السالكين" لابن القيم رحمه الله (2 /269-279) .

وينظر أيضا للفائدة: جواب السؤال رقم:(243483)، ورقم:(149864).  

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android