أنا ولله الحمد مسلم، موحد لله، محب لرسوله، مطلع عن شيء من أمور العقيدة، والمكفرات إلى حد لا بأس به، وإلى الحد الذي يسمح لي بتنصيف المشاهير ممن ينتسب الي العلم الشرعي، وإلي المدى الذي يوضح لي من اسمتع إليه، ممن يجب أن أعرض عنه، وممن يجيب أن أحذر الناس منه، ومما لا يخفي عليكم أن ممن انتسب إلى العلم كالحمار يحمل أسفار، فعلى قدر العلم الذي حُملوه لم يحملوه، وأغلبهم من أهل الصوفية القبورية، والذي يخفون ذلك المعتقد عن العامة، لكن يعملون علي نشره بصورة، أو بأخرى، وكنت لما يُعرض علي اسم شخص ينتسب إلى العلم يعتنق شيئا من تلك الشركيات، كنت أسارع إلى سبه، وشتيمته بأهله، كأن أقول ابن كذا، وابن ستين كذا، كعادة أهل مصر في الشتائم، لكني اكتشفت أن ناسا كثرا منهم ينتسبون إلى آل هاشم؛ أي من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقررت أن السباب لا يكون إلا لذات الشخص، وليس لأهله؛ لعله يكون من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أن كنت جالسا إلي جوار صديق لي، يستمع إلي مقطع أحد المشاهير، أنا أعلم عنه من اعتناقه للصوفية القبورية، ما ينتمي إلى الشرك الأكبر، ورأيت تأثر صديقي به، فقلت له: بحزم لا تسمع إلى ذلك الرجل، فسأل لماذا؟ فقلت: إنه صاحب بدع مكفرة، وهممت أن أسبه بأهله كعادتي، لكن تذكرت، فقلت: اسكت لعله من آل بيت رسول الله، فسكت، ثم للأسف سببته بأهله بعدها، وقلت: ابن ستين كذا، غير مبالٍ إلى من ينتسب، لا أعلم كيف غلب فعلي تحذيري لنفسي، فدخلت أبحث عن أصل ذلك الرجل، فوجدته يقول: إنه ينتسب إلى بني هاشم، وإلى علي رضي الله عنه تحديدا، فأنا خائف أن أكون قد ارتكبت كبيرة، أو أكون سببت رسول الله؛ لأنني لم أهتم إلى تحذير نفسي، أنا والله، والله، واله، لا يمكن أن أسب رسول الله، أو أحد من مسلمي آل بيته الكرام، أفيدوني.
حكم سب آباء وأمهات المخالفين في الاعتقاد
السؤال: 387402
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يحرم سب المسلمين أمواتا وأحيانا، سواء كانوا من آل البيت أو غيرهم؛ لما روى البخاري (6044)، ومسلم (64) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ).
وروى البخاري (1393) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا).
وقد حمله بعض الشراح على العموم إلا ما خصه الدليل، وقيد بعضهم المنع من سب الكافر بما إذا كان السب يؤذي الحي من أقاربه ونحوه.
قال الحافظ ابن حجر: “وقال ابن رشيد ما محصله : أن السب ينقسم في حق الكفار وفي حق المسلمين، أما الكافر فيمنع إذا تأذى به الحي المسلم، وأما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك كأن يصير من قبيل الشهادة وقد يجب في بعض المواضع، وقد يكون فيه مصلحة للميت كمن علم أنه أخذ ماله بشهادة زور ومات الشاهد فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن علم أن ذلك المال يرد إلى صاحبه، قال: ولأجل الغفلة عن هذا التفصيل ظن بعضهم أن البخاري سها عن حديث الثناء بالخير والشر، وإنما قصد البخاري أن يبين أن ذلك الجائز كان على معنى الشهادة، وهذا الممنوع هو على معنى السب، ولما كان المتن قد يشعر بالعموم أتبعه بالترجمة التي بعده. وتأول بعضهم الترجمة الأولى على المسلمين خاصة، والوجه عندي حمله على العموم إلا ما خصصه الدليل” انتهى من “فتح الباري” (3/258).
وقال الصنعاني: ” ظاهره العموم للمؤمنين والكفار، وقيل : سب ميت الكفار قربة وقوله: (فإنهم قد أفضوا) وصلوا (إلى ما قدموا) من الأعمال يشعر بأنه عام لعموم العلة، قال النووي: يحرم سب الأموات بغير حق ومصلحة. يريد ويجوز للمصلحة كجرح الرواة ونحوه قال النووي إجماعًا” انتهى من “التنوير شرح الجامع الصغير” (11/ 102).
وهؤلاء: الغالب والأصل أن آباءهم مسلمون، فيحرم سبهم.
والعجب ممن يدرس العقيدة، ويتعلم دين الله، ويشغل نفسه بالسباب والشتائم، لمن ينتسب إلى العلم والدين، أو حتى لعامة الناس، كما يفعله الحمالون وسفلة الناس، وسقاطهم؟!
فما أعجب أمرك يا عبد الله !!
أفلا تعلمت حسن الخلق، خير لك من تعلم السباب والشتائم، وهل تشتم الآباء، أو تشتم الشخص وحده؟!
ثم أي مصلحة في سبهم غير تنفيس الغضب ومحاكاة الفسقة، وهذا ليس من خلق المسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد. والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب: لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم. فقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وقال تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن . فلو كان خصم من يتكلم بهذا الكلام – سواء كان المتكلم به أبو الفرج أو غيره من أشهر الطوائف بالبدع كالرافضة – لكان ينبغي أن يذكر الحجة ويعدل عما لا فائدة فيه إذ كان في مقام الرد عليهم” انتهى، من “مجموع الفتاوى” (4/186-187).
فاتق الله تعالى، وأمسك لسانك، واستغفر مما صدر منك، وتجنب سب الأموات بل والأحياء فليس المسلم بالسباب ولا بالطعان، والسب حيلة العاجز، وأما صاحب الحق فيهدم الباطل بالحجة، ويتخلق بخلق نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ) رواه الترمذي (1977) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”.
وروى البخاري (6046) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ” لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلاَ لَعَّانًا، وَلاَ سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: (مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ)”.
نسأل الله أن يرزقنا وإياك حسن الخلق، وحفظ اللسان عما لا يرضيه.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب