0 / 0

ما حكم حلق شعر الرقبة قبل اكمال حلق جميع شعر الرأس في النسك؟

السؤال: 390411

أحيناً عندما أذهب لحلاق للتحلل من الإحرام، الحلاق يحلق شعر الرقبة قبل انتهاءه من حلق كامل الرأس، علماً أن الموقف حدث معي أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أشك في حكم فعله، فهل علي فدية على القول بوجوب حلق جميع شعر الرأس؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

حلق شعر الرقبة للحاج أو المعتمر أثناء حلقه لرأسه، له احتمالان:

الاحتمال الأول:

أن يكون مقصودك بالرقبة هنا هو القفا، وهو: ” مؤخر العنق ” انتهى من “المصباح المنير” (2 / 512)؛ وهذا هو الظاهر، لأنه لم يُعهد من فعل الناس أن الحاج أو المعتمر يحلق شعر رقبته.

فإن كان الأمر كذلك، فهذا الشعر الذي على القفا تابع لشعر الرأس، فيأخذ حكمه.

قال ابن بَزيزة المالكي رحمه الله تعالى، عن الشعر المتصل بشعر الرأس عند مسحه في الوضوء:

” وأما الشعور المتصلة به ، فقيل : يلزم إمرار اليد عليها ، إعطاءً لها حكم ما اتصل به، وقيل : لا يلزم ، إعطاءً لها حكم نفسها ، وهو الأشهر في النظر، والأول أحق ” انتهى من “شرح التلقين” (1 / 181).

ويتأيّد ترجيح ابن بزيزة رحمه الله تعالى بالقاعدة الفقهية التي تنص على أن “التابع للشيء في الوجود؛ تابع له في الحكم”، ينظر : شرح القواعد الفقهية ، للزرقا (ص 253) .

كما يتأيد بأن التمييز بين الأصل والتابع في هذه المنطقة فيه حرج ومشقة.

الاحتمال الثاني:

أن يكون هذا الشعر على الرقبة بعيدًا عن شعر الرأس، وليس تابعا له؛ كما يكون في بعض الشعر النابت على الرقبة من أمام.

فإن كان هذا هو الحاصل، فحلقك لهذا الشعر الخارج عن حدّ الرأس قبل أن تستكمل حلق رأسك، لم تبيّن هنا هل هذا وقع منك في حج أو عمرة.

أولا:

فإن كان في عمرة:

فالراجح أن الحلق في الحج والعمرة نسك، فلا تحل للمعتمر محظورات الإحرام إلا بعد الحلق أو التقصير لشعر الرأس، ودليل هذا ما رواه الإمام البخاري (1691) ومسلم (1227) عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:

” تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الهَدْيَ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، فَسَاقَ الهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: (مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِشَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ…) “.

قال النووي رحمه الله تعالى:

” أما قوله صلى الله عليه وسلم: ( فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل )؛ فمعناه يفعل الطواف والسعي والتقصير وقد صار حلالا.

وهذا دليل على أن التقصير أو الحلق: نسك من مناسك الحج، وهذا هو الصحيح في مذهبنا، وبه قال جماهير العلماء، وقيل: إنه استباحة محظور وليس بنسك. وهذا ضعيف…

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ( وليحلل ): فمعناه: وقد صار حلالا؛ فله فعل ما كان محظورا عليه في الإحرام من الطيب واللباس والنساء والصيد وغير ذلك ” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (8 / 209 – 210).

وقال رحمه الله تعالى:

” ومذهبنا المشهور: أن الحلق أو التقصير نسك من مناسك الحج والعمرة، وركن من أركانهما، لا يحصل واحد منهما إلا به، وبهذا قال العلماء كافة.

وللشافعي قول شاذ ضعيف: أنه استباحة محظور كالطيب واللباس وليس بنسك.

والصواب الأول ” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (9 / 50).

وحلق شعر الجسد في العمرة والحج قبل التحلل هو من محظورات الإحرام.

قال ابن جماعة رحمه الله تعالى:

” فيحرم على المحرم إزالة الشعر، بحلق أو قص أو نتف أو مشط أو حك أو غير ذلك، سواء فيه شعر الرأس والشارب والإبط والعانة وغيرها من شعور البدن، وهذا متفق عليه عند الأربعة ” انتهى من “هداية السالك” (ص 740).

فعلى ذلك؛ إن حلَق شعرَ الرقبة – غير المتصل بالرأس ولا التابع له – ، أو أزال غيره من شعور الجسم قبل التحلل من إحرامه؛ فعليه فدية أذى.

وينظر لمعرفة ذلك: جواب السؤال رقم: (112877).

لكن: يسقط الإثم، والفدية في حال حصل منك هذا التصرف على وجه النسيان أو الجهل.

سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

” ما حكم ارتكاب المحظورات ناسيا أو جاهلا؟

فأجاب فضيلته بقوله: الجواب على هذا أن نقول: إن محظورات الإحرام تنقسم إلى أقسام: منها ما لا فدية فيه أصلا، ومثّل له العلماء: بعقد النكاح والخطبة قالوا: إن هذا ليس فيه فدية.

ومنها ما فديته فدية الأذى، ومنها ما فديته بدنة، ومنه ما فديته جزاء، وكل شيء فيه فدية فإن فاعله لا يخلو من ثلاث حالات.

الأولى: أن يفعله عالما ذاكرا مختارا بلا عذر، وفي هذه الحال يترتب عليه الإثم، وما يجب فيه من الفدية.

الثانية: أن يفعله متعمدا عالما مختارا، لكن لعذر فهذا ليس عليه إثم، ولكن عليه فدية، مثل أن يحلق رأسه لأذى أو شبهه.

الثالثة: أن يفعل هذه المحظورات ناسيا، أو جاهلا، أو مكرها فهذا ليس عليه شيء لا إثم ولا فدية أيّا كان المحظور، لعموم قول الله تعالى: ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ).

وقوله تعالى: ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ). وقوله تعالى في جزاء الصيد: ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ). فإذا اشترطت العمدية في جزاء الصيد مع أن قتل الصيد إتلاف فما عداه من باب أولى.

وعلى هذا فنقول: إذا فعل أحد شيئا من هذه المحظورات ناسيا، أو جاهلا، أو مكرها فليس عليه شيء لا إثم ولا فدية، ولا يفسد نسكه ” انتهى من “مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين” (22 / 111 – 112).

ثانيا:

وأما إن كان هذا حصل منك في الحج، فإن للحج تحللين ؛ والتحلل الأول يحصل بفعل عملين من أعمال يوم النحر: وهي: رمي الجمرة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي.

فإن حصل منك هذا الأمر بعد التحلل الأول، فلا شيء عليك، بأن كان الحلق بعد الرمي والطواف؛ لأنه بالتحلل الأول يحل كل شيء كان حراما على الحاج ما عدا النساء.

وإن كان قبل التحلل الأول؛ ففيه الكلام السابق أولا، من حيث الفدية، وسقوطها.

وطالع للأهمية جواب السؤال رقم: (106594).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android