أتمني أن تسامحوني علي هذه الفظاظة وما ذكرته من عبارات تضمنتها أسئلتي السابقة حول شبهه انتقاص الإسلام للمرأة، والتي كلما حاولت إرسالها كانت تظهر على طريقة هجوم في طرح الأسئلة. حقا أريد التوبة، والرجوع إلى الله تعالى، عذرا فيما سأقول، لم أعد أشعر أن الله تعالى ـ استغفر الله تعالى ـ أنه يهتم بأمري، إانه لعنني، طردني من رحمته، غضب علي، نسيت الله تعالى، نسيت العبادة، أريد أن أقترب إليه، أريد أن أدعوه أن يخرجني لكنه لم يستجب، وأشعر إنني سأموت كافرة، والجنة بعيدة عني، وفرصة دخولها قليلة، فكل ما أقرب من ربنا تعالى يظهر لي شيء يبعدني أكثر عن الله تعالى، فآمل التوضيح.
تخشى أن لا يغفر الله لها بسبب استرسالها في التفكير بأن الإسلام لم ينصف المرأة. وتريد النصيحة.
السؤال: 391148
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لسنا نجد ما نبدأ به جوابنا عما شكوت لنا من آلامك، ومعاناتك؛ أفضل ولا أجل ولا أنفع لك من قول الله عز وجل:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) الزمر/53-55.
فاقرئي تلك الآيات الكريمات، اقرئيها مرات، ومرات. تأمليها، وتدبري معانيها، لا تجعليها على لسانك، أو في أذنيك فقط، افتحي لها قلبك، داوي بها آلام روحك، استشفي بها من دائك؛ ففي القرآن الشفاء لك، يا أمة الله؛ متى آمنت به: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) فصلت/44؛ نعم، هو الهدى لك من هذه الحيرة، والضياء في تلك الظلمة، والدواء والشفاء مما نزل بك.
أعيدي تلك الآيات يا أمة الله، وتأملي قول رب العالمين، وأرحم الراحمين: (أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ)؛ إن الله جل جلاله لم يناد المخطئين هنا، فقط؛ فمن الذي ما أخطأ ولا أساء من الناس؟ إنه لم يناد المذنبين، فقط؛ فكل الناس له ذنبه…
إن عظمة تلك الآيات، لو تأملتيها: أنها تنادي المسرفين؛ من أسرف على نفسه في الذنب والعصيان؛ إيّا ما كان؛ الكفر، فما دونه؛ فمهما وقع العبد فيه من ذنب، وأسرف، وبالغ، في الذنب، كل الذنب: فالآيات تناديه: أنت ما زلت "عبدا لله"، فدع الإباق عن "سيدك"، والهرب منه ، وأقبل عليه؛ تعال إليه؛ لا، بل: فِرَ إلى الله!!
أتظنين أن ذنبك، مهما كان ذنبك، لا يشمله ذلك "العفو العام" – بشرطه الآتي بيانه -؟
أتظنين أن ذنبك أخرجك من جملة (يا عبادي)؟
فما كان هذا الذنب؟ الشرك، القتل، الزنا، السرقة … ما كان؛ فهو مشمول بهذا الدعاء ، والنداء؛ شريطة أن يعود من إباقه، ولا يظل على شروده ، وفراره من رب العالمين، شريطة، أن "يتوب"؛ فيدع الذنب ومسالكه، ويُنيب؛ فقال تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ).
إننا نجد الله تعالى قد مدح المؤمنين، في آية أخرى، فقال:
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) آل عمران/135-136.
فتأملي، يا أمة الله؛ كيف أن الله جل جلاله أخبر عن عباده الصالحين أن منهم من قد يفعل "الفاحشة"، أو يظلم نفسه؛ الفاحشة، بهذا الوصف البالغ الغليظ، وظلم النفس، بعمومه؛ ثم إنهم لم يظلوا هكذا على شفير الهاوية، ولا على حافة الجحيم؛ بل بادروا، وتداركوا خطأهم، فاستغفروا لذنوبهم، ولم يصروا على تلك الفعلات!!
أتريدين أصرح من ذلك؟ حسنا؛ هنالك ما هو أصرح من ذلك. قال الله تعالى، في وصف "عباد الرحمن" – وأي وصف بعد ذلك، وأي مِدحة أعلى منه ؟!-:
(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) الفرقان/68-71.
إن الأخطر عليك من كل ما اقترفتيه من الذنوب، وكل ما مر ببالك من الخواطر، أو سكن في نفسك من الهواجس، أو سيطر على عقلك وقلبك من الشبهات، والأفكار الخاطئة؛ الأخطر عليك من ذلك كله: هو ذلك الشعور باليأس، والقنوط، الذي تنضح به رسالتك، ويصرح به سؤالك؛ وهو النهي الذي بدأت به الآيات الأولى من سورة الزمر.
أتعلمين، لماذا بدأت الآيات بالتحذير من شعور اليأس، والقنوط، قبل الدعاء إلى التوبة؟
لسبب بسيط، وهو أن العبد لن يفكر في التوبة أصلا، إذا كان يائسا من جدواها، قانطا من أن تناله الرحمة؛ وهو أوقعك الشيطان فيه الآن، ومنتهى طريق السواد الذي يفتحه اليأس، هو الكفر برب العالمين، وأرحم الراحمين: (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف/87، وقال تعالى أيضا: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) الحجر/56.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: "والمقصود هنا أن قوله تعالى قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ : فيها نهي عن القنوط من رحمة الله تعالى، وإن عظمت الذنوب وكثرت؛ فلا يحل لأحد أن يَقنط من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه، ولا أن يُقنط الناس من رحمة الله. قال بعض السلف: إن الفقيه كل الفقيه الذي لا يؤيس الناس من رحمة الله، ولا يحرضهم على معاصي الله.
والقنوط يكون بأن يعتقد أن الله لا يغفر له؛ إما لكونه إذا تاب لا يقبل الله توبته، ولا يغفر له ذنوبه. وإما بأن يقول: إن نفسه لا تطاوعه على التوبة، بل هو مغلوب معها، والشيطان ونفسه قد استحوذا عليه، فهو يائس من توبة نفسه، وإن كان يعلم أنه إذا تاب غفر له. وهذا يعتري كثيرًا من الناس، والقنوط يحصل بهذا تارة وبهذا تارة.
فالأول: كالراهب الذي أفتى قاتل تسعة وتسعين نفسًا أن الله لا يغفر له، فقتله، وكمَّل به مائة. ثم دُل على عالم آخر، فأتاه فسأله، فأفتاه بأن الله يقبل توبته. والحديث في الصحيحين.
والثاني: كالذي يرى للتوبة شروطًا كثيرة، أو يقال له: لها شروط كثيرة يتعذر عليك فعلها؛ فييأس من أن يتوب" انتهى من "تفسير آيات أشكلت" (1/297-299).
يا أمة الله؛ لا تسوفي، ولا تؤجلي، ودعي اليأس كله، والقنوط كله، فهو داؤك الحقيقي، وتوبي إلى ربك، وارجعي إليه، فهو وعدك بالقبول؛ فهل أنت مصدقة؟!
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) رواه أحمد (6125)، والترمذي(3537) وحسنه.
يا أمة الله ، إن باب التوبة مفتوحا أمك على مصراعيه ، يسع كل العباد أن يدخلوه ، ولو كان مع الواحد منهم ملء الأرض من الخطايا والذنوب ، لكن شريطة أن ينتهوا ويتوبوا :
عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً)
رواه الترمذي (3540) وحسنه ، وحسنه الألباني.
يا أمة الله، أي الأمرين أحب إليك: أن يفرح الله بك، نعم، يفرح بك فرحا لا يبلغه وصف الواصفين، أو أن يغضب عليك؟
إن الله يفرح بتوبتك؛ فهلمي إليه:
روى البخاري (6308)، ومسلم (2747) واللفظ له، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ).
إن الرجل الذي أسرف على نفسه، حتى كان من أمره أنه قتل مائة نفس؛ عاد بعد كل ذلك، ونفسه تنازعه إلى التوبة والإنابة إلى رب العالمين: (سأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له مِنْ توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟) .
رواه البخاري (3407)، ومسلم (2766) واللفظ له.
ونحن – بدورنا – نقول لك: ومن ذا الذي يحول بينك وبين التوبة؟!
يا أمة الله؛ إذا وصلتك رسالتنا ، وقرأت جوابنا في الصباح، فإياك، ثم إياك، أن تؤخري توبتك إلى المساء، وإذا أتتك في المساء فاحذري أن تؤخريها إلى الصباح ، فباب التوبة والإنابة والرجوع إلى الله مفتوح:
عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) رواه مسلم (2759).
نسيت ربك يا أمة الله، زمانا؟! فها قد آن الأوان أن تعودي إليه ، وتذكريه: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا) الكهف/24
تريدين أن تقتربي إليه؛ فالله أكرم منك، الله شكور، يقبل القليل، ويعطي الكثير؛ أتظنين يا أمة الله، وقد وسوس لك الشيطان، وزين لك القعود، وصدك عن أرحم الراحمين؛ أتظنين أن تقتربي منه، ويبتعد هو عنك؟! إن الله أرحم مما تظنين، وأحن على عباده وأرأف بهم مما تتخيلين: (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) هود/90
فدعي النسيان، وعودي إلى الذكرى:
(فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) المدثر/55-56؛ هو أهل التقوى؛ أهل أن يتقيه العبد، ويخافه، ويعظمه. وأهل المغفرة، أهل لأن يغفر لعباده؛ ومن أرحم منه، سبحانه.
إن الله قد وعد، وهو سبحانه أكرم وأجل وأعظم من أن يخلف الميعاد، سبحانه، وعد من يقترب منه، أن يقترب منه أكثر، وأكثر، ويشكر له القليل، ويعطيه أكثر، وأكثر؛ لكن قبل أن تتوبي من ذنبك، دعي سوء الظن بربك، وتوبي منه، وأحسني الظن بأرحم الراحمين:
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) رواه البخاري (7405)، ومسلم (2675).
ليس عندنا إشكال، ولا مانع من أن تسألي، وتستفسري عما يجول بخاطرك، وسوف نجتهد من طرفنا في الوفاء بطلبك، وجواب ما سألت عنه ، قدر الطاقة، إن شاء الله.
لكن الذي نرجوه منك ، قبل أن تسألي، أن تدعي باب الأسئلة والشبهات جانبا، بعض الوقت، وأن تبادري بالتوبة إلى أرحم الراحمين، وعودي إليه، وأحسني الظن به، ومهما ظننت أنه لن يقبلك، فكذبي ظن السوء، وظني بربك الذي هو أهله، والزمي بابه، وألحي عليه بالدعاء، والبكاء، فهو قريب، قريب جدا، أقرب مما تظنين:
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/186.
أريحي أعصابك من هذا الضغط، والصراع، أريحي قلبك من آلامه، وأكثري من ذكر الله جل جلاله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد/28
أقبلي على كتاب ربك، ولازمي تلاوته، ففيه الشفاء، والهدى والنور، والراحة والسكينة..
أكثر من ذكر الله آناء الله، وأطراف النهار..
أريحي روحك من عناء البعاد عن رب العالمين، واقتربي منه سبحانه، وعودي إليه …
ومتى هدأت نفسك، وسكنت روحك، فما بقي فيها من حزازة، أو شبهة، فاكتبيها، وأنت هادئة مطمئنة، كتابة الذي يريد أن "يفهم" ما أشكل عليه، ومتى ما عز عليه الفهم، أو غاب عنه الجواب؛ فهو عائذ بجناب الله، مؤمن برحمته، مستسلم لشرعه، راض بقضائه وقدره.
نسأل الله أن يهدي قلبك، ويشرح صدرك، ويغفر ذنبك، ويقيل عثرتك، ويجبر كسرتك، وأن يردك إليه ردا جميلا، على خير حال يحبه من عباده التائبين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب