كنت أعمل في بلد خليجي كصيدلي منذ زمن، وكان العرف وقتها في الباقي أن ما فوق النصف يحسب ريالا، وما دون النصف لا يحسب، وتركت المملكة منذ زمن، ولكن أخشى أن يكون في ذلك ظلم، بالطبع الإيراد للمالك، وأنا كنت موظفا فقط، ولكن قررت وضع مبلغ معين كصدقة بحيث لو ظلمت أحدا، والآن أخي الأصغر يتزوج، وهو في أول حياته، ويحتاج المساعدة، فهل يصلح أن أعطيه من المال الذي قررته لذلك الأمر؟
إذا أخذ البائع أجزاء الريال من المشترين فهل يتصدق بها؟
السؤال: 392156
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الواجب على البائع أن يتحرى العدل مع المشترين في الكيل والميزان والثمن، فيعطي الناس حقوقهم كاملة ، ولا يأخذ أكثر من حقه، مهما كانت الزيادة يسيرة، إلا إذا كان ذلك برضاهم، وقد توعد الله تعالى من يخالف ذلك بقوله: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ* أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ المطففين/1-6.
والأدوية التي تباع في الصيدليات إنما تم تحديد سعرها من قبل المسئولين، فيجب التقيد بالسعر المدون على الدواء، ولا يجوز بيعه بأكثر من ذلك.
ثانيا:
هذه الزيادة في الثمن (نصف ريال أو أقل) : يرجع في شأنها إلى عرف الناس في البلد الذي وقعت فيه المعاملة.
والذي يظهر أن البلد الذي كنت تعمل فيه : الغالب على حال الناس فيه اليسار، ويظهر أنهم يتسامحون في مثل هذه الكسور عادة، لقلة قيمتها ، فلا يهتمون بها ، ولا يطالبون بها.
ولكن قد يوجد البعض الآخر يرى أن البائع ظلمه، وأخذ أكثر من حقه.
ويقوى ذلك الاحتمال، إذا كان الأمر في بلد يغلب على أهلها ضيق الحال، والمشاحة في مثل ذلك من حقوقهم، فتراه إذا تبايع، يطلب ما تبقى له من حقه، أو يقف ينتظره …
فلذلك كان الواجب على البائع أن يعطيه حقه، ويجهز في متجره "الفكة" اللازمة لذلك، فلا يحوج المشتري إلى أن يتركها، أو يعتاض عنها بشيء لا يحتاجه.
وبعض الباعة (في الصيدليات أو غيرها) يعطي المشترين علبة مناديل أو قطعة من الحلوى مقابل أجزاء الريال التي أخذها أكثر من الثمن، وهذا تصرف جيد إذا لم يكن عنده من الصرف "الفكة" ما يوفيه المشتري، ولم يمكنه تدبير ذلك، كما هو الواجب عليه أصالة، لكن ليس له أن يجعل ذلك هو الأصل عنده، إذا علم أن الناس يطلبون هذه الكسور، ولا يتركونها رغبة عنها، لئلا يحوجه إلى أخذ شيء لا يحتاجه بدلا عن حقه.
والحاصل:
أنه يرجع إلى عرف الناس، والظاهر من أحوالهم في طلب هذه الكسور والمشاحة فيها، أو إهمالها والرغبة عنها.
ونظرًا لاحتمال أن يكون هناك من المشترين من لم يسامح في دفع تلك الزيادة، ويرى أنها أخذت منه بسيف الحياء، وبدون رضا منه، فيظهر أنك لو تصدقت بمبلغ من المال عن أصحاب تلك الزيادات؛ لكان أحسن لك، وأبرأ لذمتك.
ولا مانع أن تكون الصدقة على أخيك المحتاج، لأنه مستحق للصدقة، ويكون ثواب الصدقة لأصحاب الأموال، ولك ثواب العمل بالأحوط، وإبراء ذمتك من الحرام.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب