أبي أقرض أخي الكبير مبلغ فوق 200 ألف ريال ؛ لكي يشتري بيتا، ولو لم يعطه هذا المبلغ لن يتمكن من شراء البيت، فهو بحاجة لهذا المال، فيسأل أبي هل يجوز أن أسامحه بالمبلغ أو بعضه؛ لأنه قد لا يستطيع السداد، أم يعد هذا من العطية المحرمة، ويجب المساواة بينه وبين إخوته؟ وهل من عدم المساواة أن جميع أولاده ساعدهم في زواجهم ولم يتكفل به كاملًا إلا لأحدهم حيث تكفل به كاملا، لأنه كان معسرا لا يستطيع الزواج، ولا مال عنده، وراتبه ضعيف، وبعد فترة أيسر، وتوظف، ولديه راتب ممتاز، فهل يجب على الوالد استرداد بعض المال منه حتى يرى أنه ساواه بإخوته، أم لا بأس بفعله؟
هل للأب أن يسقط القرض عن أحد أولاده؟
السؤال: 392996
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا أقرض الأب أحد أولاده لشراء بيت، فليس له أن يعفيه من سداد القرض، إلا برضى جميع إخوته، أو بإعطائهم مثل ما أعطاه؛ لوجوب العدل بين الأولاد في العطية؛ لما روى البخاري (2587)، ومسلم (1623) عَنْ عَامِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: " أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً ، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ".
وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).
وليس هذا من باب النفقة التي تعطى على قدر الحاجة كأن يسكن الأب ابنه في بيت له.
بل تمليكه بيتا أو إعطاؤه ثمن بيت أو بعض ثمنه: عطية يجب فيها العدل.
ثانيا:
مساعدة الأب أولاده في الزواج يدخل في النفقة فيعطي كلا على قدر حاجته، فلو تكفل بزواج أحدهم لفقره، وضعف راتبه: فلا يلزمه أن يفعل ذلك مع المقتدرين من أولاده، وإذا اغتنى الابن الفقير بعد الزواج، فلا رجوع للأب عليه بما أنفقه عليه ، لأنها نفقة صحيحة واجبة في وقتها.
قال المرداوي في "الإنصاف" (9/204): " يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم، ممن تجب عليه نفقتهم. وهذا الصحيح من المذهب. وهو من مفردات المذهب وما يتفرع عليها" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم: إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك، فيجب على الأب أن يزوج ابنه، إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به.
لكن سمعت أن بعض الآباء الذي نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له: تزوج من عرق جبينك. وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/410)، "فتاوى أركان الإسلام" (ص440–441).
وينظر جواب السؤال (22169)، (67652)
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة