كنت أريد العمرة وأنا مقيم بمدينة سكاكا بالسعودية، وتوقف الباص فى مسجد الميقات للإحرام، فاغتسلت، ولبست ثياب الإحرام، ثم ركبت الباص، ولكني نسيت الإحرام، ثم تذكرت بعد قطع مسافة ثلاثة كيلومتر من المسجد فأحرمت في ذلك الموضع، وأتممت عمرتي، وكنت قرأت في فتاويكم أن المواقيت ليست المساجد التي نقف عندها، ولكنها أودية عظيمة، فهل مسافة ثلاثة كيلومترات تقع داخل حدود الميقات أم يلزمني فدية تجاوز الميقات؟
حكم الإحرام بعد تجاوز مسجد الميقات بثلاثة كيلومترات؟
السؤال: 393946
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
المواقيت المكانية وإن كانت أودية عظيمة كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (240422)، إلا أن هذا لا يعني أن من تجاوز مساجدها بمثل هذه المسافة لا يخرج بها عن حدود الميقات.
فأحيانا يكون الميقات من بدايته إلى نهايته لا يتجاوز ثلاثة كيلو متر.
ثانيا:
لم تذكر الميقات الذي مررت عليه، والغالب على أهل شمال بلاد الحرمين كـ "عرر" و "سكاكا" أن يمروا على ميقات أهل العراق "ذات عرق"، أو ميقات أهل المدينة "ذي الحليفة".
وفي الميقاتين : المسافة بين المسجد وآخر حدود الميقات أقل من ثلاثة كيلو متر.
قال الشيخ عبد الله البسام رحمه الله تعالى:
" ميقات "ذات عرق" ريع بين جبلين، فيه مجرى سيل كبير، متجه من الشرق إِلى الغرب، يدعى "وادي الضريبة" يتسع هذا الريع في بعض نواحيه، ويضيق في نواحي أخرى، بين مائتي متر، وخمسمائة متر، وطوله من الشرق إِلى الغرب ألفا متر تقريبا " انتهى من "توضيح الأحكام" (4 / 52).
فإن كنت مررت على ميقات أهل المدينة "ذي الحليفة"، فمسجدها يكاد يقترب من نهاية الميقات فبعده بمسافة قصيرة تبدأ البيداء.
ولا يجوز تأخير الإحرام إلى البيداء.
عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، إِذَا قِيلَ لَهُ: "الْإِحْرَامُ مِنَ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: الْبَيْدَاءُ الَّتِي تَكْذِبُونَ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الشَّجَرَةِ، حِينَ قَامَ بِهِ بَعِيرُهُ" رواه البخاري (1541)، مسلم (1186) واللفظ له.
وفي رواية لهما:
" مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ"، يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:
" وقوله: "هذه البيداء التي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أهل إلا من عند الشجرة"، وفى الحديث الآخر: ( ما أحرم إلا من المسجد ): هذا – أيضا – متفق وهو مسجد ذي الحليفة، وفيه كان صلى الله عليه وسلم قبل إهلاله، وذو الحليفة على ستة أميال، وقيل: سبعة من المدينة، والشجرة هناك، والبيداء هناك، كله قريب بعضه من بعض" انتهى من "إكمال المعلم" (4 / 181).
قال النووي رحمه الله تعالى:
"وفيه دلالة على أن ميقات أهل المدينة من عند مسجد ذي الحليفة، ولا يجوز لهم تأخير الإحرام إلى البيداء، وبهذا قال جميع العلماء" انتهى من "شرح صحيح مسلم" (8/92).
وإن كنت مررت من ميقات قرن المنازل.
فقرن المنازل وإن كان واديا عظيما، فعظمه راجع إلى امتداده طولا من الجنوب إلى الشمال ، فلذا يحتوي على مسجدين بينهما مسافة كبيرة وهما مسجد السيل الكبير، ومسجد وادي محرم، وكلاهما يقعان على حافة الوادي، وأما عرضا فالميقات ينتهي عند ضفة الوادي التي من جهة مكة.
قال الشيخ عبد الله البسام رحمه الله تعالى:
" جميع مواقيت الإحرام أودية عظام، ولذا فإن الاحتياط أن يحرم الحاج أو المعتمر من الضفة التي لا تلي مكة من الوادي لئلا يعتبر متجاوزا للميقات" انتهى من "تيسير العلام" (ص362).
فالذي يحرم بعد المسجد بمسافة ثلاثة كيلو متر فإنه يعتبر قد تجاوز الميقات بلا إحرام .
ثالثاً:
من مَرَّ على الميقات وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام من الميقات ، فإن تجاوزه ولم يحرم وجب عليه الرجوع ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم بعد مجاوزته للميقات فالمشهور عند العلماء أن عليه دماً ، فيذبح شاة في مكة ويوزعها على المساكين . كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم:(33798) و (348817).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة