أنا ساكن في المدينة الجامعية، وهم يعطوننا بونات لصرف الطعام، وفي المدينة إذا أراد أحدٌ أن يأخذ أجازة؛ يقوم بتسليم البونات التي تحمل تاريخ الأيام التي سيتغيبها الطالب، ويجب أن يتم هذا قبل الأجازة بيومين، وتقريباً الهدف من هذا هو إعلام المطعم بعدم طهي وجبة لهذا الطالب في أيام تغيبه، بعض أصدقائي في المدينة يتغيبون عن المدينة، ويعطونني البونات، ولا يعطونها للإدارة؛ بهدف إراحة الدماغ، وعدم تحديد أياماً معينة للأجازة.
السؤال هنا: هل يجوز لي استخدام البونات التي يعطيها لي زملائي للأكل بها؟
هل للطالب الذي يسكن في السكن الجامعي أن يترك لصاحبه بونات الوجبات عند سفره؟
السؤال: 394146
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا كان النظام ينص على أن الطالب يرد بونات الأيام التي سيغيبها، ولم يكن لهذه البونات ثمن مستقل، بل هي تابعة لما يدفعه الطالب أجرة للسكن، وكانت أجرة السكن من غير طعام: مساوية، أو مقاربة لأجرة أمثال هذا السكن خارج المدينة؛ فالطعام المقدم له إباحة وليس تمليكا.
والفرق بينهما: أن الإباحة [أي : تمليك الانتفاع فقط، دون تمليك العين]؛ تعني أن الجامعة أباحت للطالب أن يأكل هذه الوجبة، ولكنه لا يمتلكها، فإما أن يأكلها بنفسه، وإما أن يتركها ، وليس له أن يعطيها غيره.
أما التمليك ، فيعني أن الجامعة ملكت الطالب هذه الوجبة ، فله أن يتصرف فيها كيف يشاء .
قال القرافي رحمه الله في “الفرق الثالث والثلاثون” (1/330):
“فتمليك الانتفاع نريد به أن يباشر هو بنفسه فقط ، وتمليك المنفعة هو أعم وأشمل ، فيباشر بنفسه، ويُمَكِّن غيره من الانتفاع بعوض وبغير عوض” انتهى .
وقال السيوطي رحمه الله: “وقد يملك الانتفاع دون المنفعة، كالمستعير والعبد الذي أوصى بمنفعته مدة حياة الموصى له، وكالموصى بخدمته وسكناها، فإن ذلك إباحة له لا تمليك. وكذا الموقوف على غير معين، كالرُّبُط، والطعام المقدم للضيف، وكل من ملك المنفعة فله الإجارة والإعارة. ومن ملك الانتفاع فليس له الإجارة قطعا، ولا الإعارة في الأصح” انتهى من “الأشباه والنظائر”، ص 326.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
“لو أن رجلاً استعار إناء من شخص وصار عند أبيه ضيوف، فقال له: أعرني هذا الإناء، فلا يعيره؛ لأن المؤلف يقول: ولا يعيرها؛ ووجه ذلك : أن المستعير يملك الانتفاع بالإذن المجرد، ولا يملك النفع، والمعير إنما أعار هذا الشخص ولم يعرها غيره، فلا يحل له أن يعيرها؛ لأنه إن أعارها، فقد تصرف في مال غيره بغير إذنه.
ولو استعار إنسان كتاباً وكان زميله يحتاج هذا الكتاب لليلة واحدة، فقال زميله: أعرني الكتاب هذه الليلة فقط؟ فلا يعيره، وله أن يعتذر ويقول: أنا مستعير والملك لغيري، والمستعير مالك للانتفاع وليس مالكاً للنفع، ونظير ذلك إنسان يدعو إخوانه لطعام الوليمة، فهل يملك أحد المدعوين أن يتصدق من الطعام، أو يبيع؟ لا يملك؛ لأنه إنما أذن له بالأكل وليس مالكاً، والإذن بأكل طعام الوليمة إباحة وليس تمليكاً؛ ولذلك لا يملك أحد من المدعوين أن يأخذ شيئاً من هذا الطعام ليبيعه أو يتصدق به” انتهى من “الشرح الممتع” (10/126) .
ثانيا:
إذا كان الطالب يدفع ثمنا مستقلا للبونات، ولا يشترط عليه النظام ردها عند تغيبه، فهذا تمليك، فله أن ينتفع بالبون لنفسه، وله أن يعطيه لغيره.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب