هل من كان بها شك مستنكح، وأتاها الحيض، فهل تظل أحكام صاحب الشك المستنكح سائرة عليها بعد انتهاءه؟
فمثلا أنا ينطبق علي هذا الأمر، حيث كنت موسوسة في صلاتي وفي وضوئي قبل الحيض، والبارحة أثناء غسلي منه راودني شك في صحة طهارتي، وبعدها راودني أثناء اغتسالي، ثم شك آخر في الوضوء، وفي صلاتي أتاني شك، لكني لم آخذ بأحكام صاحب الشك المستنكح؛ لأني اعتبرته أول يوم للشك.
ولدي سؤال آخر: مثلا إذا أصاب شخص الشك لأول مرة على سبيل المثال اليوم، ثم أتاه غدا، فهل عندها يكون شك مستنكحا؟ أرجو إجابة مباشرة واضحة.
هل الشك المستنكح ينتهي مع مجيء الحيض؟
السؤال: 395066
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
من كثر شكه، وغلب عليه: فهو معذور، ويسمى المستنكح عند المالكية.
جاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (4/128): “وفي معجم “تاج العروس”، و “أساس البلاغة”: ومن المجاز: استنكح النوم عينه: غلبها.
وفقهاء المالكية فقط هم الذين يعبرون بهذا اللفظ عن معنى الغلبة، مسايرين المعنى اللغوي، فيقولون: استنكحه الشك، أي اعتراه كثيرا.
وبقية الفقهاء يعبرون عن ذلك بغلبة الشك، أو كثرته، بحيث يصبح عادة له ” انتهى.
وضابط كثرة الشك وغلبته عند المالكية، هو أن يلازمه يوميا، فلا ينفك عنه.
قال الحطّاب في “مواهب الجليل” (1/466): ” المستنكح: هو الذي يشك في كل وضوء، أو صلاة، أو يطرأ له ذلك في اليوم مرة أو مرتين، وإن لم يطرأ له ذلك إلا بعد يومين أو ثلاثة: فليس بمستنكح ” انتهى.
وقال الدردير في “الشرح الصغير” (1/170): ” (وَإِنْ شَكَّ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ فِي مَحَلٍّ غَسَلَهُ) : إذَا شَكَّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ فِي مَحَلٍّ مِنْ بَدَنِهِ، هَلْ أَصَابَهُ الْمَاءُ، وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ ، وَدَلْكِهِ.
وَأَمَّا الْمُسْتَنْكِحُ – وَهُوَ الَّذِي يَعْتَرِيهِ الشَّكُّ كَثِيرًا – فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ، إذْ تَتَبُّعُ الْوَسْوَاسِ يُفْسِدُ الدِّينَ مِنْ أَصْلِهِ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ.” انتهى.
وغير المالكية يعلق الأمر على كثرة الشك، دون تحديد.
قال الرحيباني في “مطالب أولي النهى” (1/507): ” ولا يشرع سجود السهو إذا كثر الشك، حتى صار كوسواس، فيطرحه.
وكذا لو كثر الشك في وضوء، وغسل، وإزالة نجاسة، وتيمم؛ فيطرحه؛ لأنه يخرج به إلى نوع من المكابرة، فيُفضي إلى زيادة في الصلاة، مع تيقن إتمامها، فوجب اطِّراحُه، واللهوُ عنه لذلك. ” انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
” والشكُّ بعد الفعل لا يؤثِّر وهكذا إذا الشكوك تكثر
فإذا كثُرت الشكوك: فهذا وسواس لا يُعتدُّ به” انتهى من “الشرح الممتع” (2/299).
وعليه؛ فلا فرق في اغتفار كثرة الشكوك قبل الحيض وبعده، ما دام الشك قد كثر عليك قبل ذلك، وعلمت غلبته على حالك، ولا أثر لطروء الحيض في انقطاع حكم الشك المستنكح؛ فلا تلتفتي لهذه الوساوس، سواء كانت في الوضوء أو الغسل أو الصلاة.
ثانيا:
إذا أصاب شخص الشك لأول مرة، ثم أتاه من الغد، فهذا لا يعد مستنكح الشك، لأنه لم تعلم له عادة بعد، وليس له عهد بكثرة الشك في عبادته، ولا يقال إنه كثر شكه، وغلب عليه إلا إذا كان موسوسا يشك في أشياء أخرى، فهذا انتقال للوسوسة، نسأل الله السلامة والعافية.
ونسأل الله أن يرفع عنك هذا البلاء، وأن يعافيك ويحفظك من كل سوء.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب