زوجي كان يعمل في شركة خاصة بالاتصالات والمحافظ الإلكترونية، وفي يوم ما حدث خلل في النظام، كان يؤدي لتضاعف الأموال الخاصة بالمحفظة إذا تم نقلها وإعادتها، وهو كان مسئول عن الإبلاغ عن هذا الخلل، ولكن في هذه الأثناء كان يجرب، ويحول الأموال الخاصة بمحفظته لمحفظة أخرى، ويعيدها، ثم تتضاعف، وهكذا، حتى أصبح مبلغا كبيرا، وقد تم حل المشكلة بعدما أبلغ عنها، وتم تكريمه من الشركة معنوياً، وظلت الأموال المتضاعفة في محفظته مدة طويلة، ولم تسحبها الشركة، ولم يسأل عنها أحد، فقام بسحبها، وصرفها، وعندما سألته عن حرمة هذا الفعل، قال لي: بأن الشركة تخصم من مرتبه مبلغا كبيرا كل شهر لأسباب وهمية، وهو الآن استعاد جزءا من حقه المسروق، وهذا حلال في الشرع، لكنني أريد أن أسألكم أهل العلم.
حكم أخذ أموال من العمل بحجة أنه يخصم من راتبه لأسباب وهمية.
السؤال: 397801
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما تخصمه الشركة من راتب الموظف فيه تفصيل:
1-فإن كان بحسب الاتفاق في العقد-المكتوب أو الشفهي-، كخصم مبلغ مقابل التأخر والغياب مثلا، فهو تصرف جائز، وليس للموظف الاعتراض عليه، ولا محاولة استرداد ماله دون علم الشركة.
وينظر حول ضوابط الخصم من الموظف عند التأخر: جواب السؤال رقم: (396155).
2-وإن كان الخصم لم يُتَّفق عليه في العقد، أو اتُّفق على خلافه، كأن يخصم منه بدل الإجازة أو بدل التنقل أو بدل العمل الإضافي، مع الاتفاق على أن له بدل إجازة أو تنقل أو عمل إضافي، وكأن يخصم منه بدل غياب اليوم يومين مع عدم الاتفاق على ذلك، فهذا الخصم محرم، وهو أكل مال الموظف بالباطل.
ومن خصم ماله بغير حق كان له الشكوى والتظلم للإدارة ثم للقضاء، فإن كان ذلك لا يجدي، وأمكنه أن يأخذ ماله دون علم الشركة، مع أمن الاتهام بالسرقة، جاز له ذلك في أصح قولي العلماء، وهو ما يعرف بمسألة الظفر بالحق، بشرط ألا يأخذ أكثر من حقه.
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (171676) أن الأخذ بمسألة الظفر مقيد بثلاثة أمور، تُعلم من مقاصد الشريعة وقواعدها، ومما قاله أهل العلم:
الأول: ألا يأخذ أكثر من حقه.
الثاني: أن يأمن الفضيحة والعقوبة.
الثالث: ألا يمكنه الوصول إلى حقه عن طريق القضاء، لعدم وجود البينة لديه، أو لسوء إجراءات التقاضي وما يصحبه من كلفة وتأخر.
فإن اختل شرط من هذه الشروط لم يجز له العمل بمسألة الظفر.
قال ابن الملقن رحمه الله: ” من له على غيره حق وهو عاجز عن استيفائه، يجوز له أن يأخذ منه قدر حقه بغير إذنه ومراجعته، وهذا مذهب الشافعي وأصحابه، وتسمى مسألة الظفر، ومنع ذلك أبو حنيفة ومالك، كما حكاه النووي في شرحه لمسلم عنهما.
قال القرطبي: وهو مشهور مذهب مالك.
وحكى غيره عن أبي حنيفة أنه يأخذ جنس حقه، ولا يأخذ غيره؛ إلَّا أنه يأخذ الدراهم بدلًا من الدنانير وبالعكس. وعن أحمد أنه لا يأخذ الجنس ولا غيره. وعن مالك إن لم يكن على المديون دين آخر فله أخذه، وإن كان عليه فلا يأخذ إلَّا قدر حصته. وحكى المازري عن مالك ثلاثة أقوال:
ثالثها: الجواز لمن ظفر بجنس حقه، وإلَّا فلا”.
وقال: “يجوز الأخذ من الجنس ومن غيره، كما هو ظاهر الإِطلاق. والأصح عند أصحابنا أنه لا يأخذ غير الجنس إلَّا إذا تعذر الجنس” انتهى من “الإعلام بفوائد عمدة الأحكام” (10/17).
فإذا كان زوجك قد أخذت منه الشركة مالاً بغير حق، ولا يمكنه الوصول إليه بالطرق المعتادة، جاز له أن يأخذ، قدر حقه، من مال الشركة دون علمها، لا من مال الناس المتعاملين معها.
وليحذر أن يسوّل لنفسه أن له حقا، أو يكون الأمر مشتبها، فإن الأصل المتيقن تحريم مال الغير.
فإن كان ما أخذه زائدا عن حقه، أو كان لا حق له بيقين، لزمه رد المال، أو رد الزائد عن حقه إلى الشركة، بأي طريقة ممكنة، ولا يعفيه من ذلك كون الشركة لا تعلم، أو لم تسأل عن المال (وكفى بالله شهيدا).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة