هل إذا أخطأ الشخص في الوضوء عند الاغتسال يبطل الغسل؛ لأني وأنا أمسح أذناي شككت في جهة من رأسي لم أمسحها فمسحتها، ثم غسلت رجلاي، ولم أكن أعلم أنه يجب الترتيب، وأن أعيد مسح أذناي مرة أخرى، فهل يبطل الغسل بهذا، فلقد علمت أن الوضوء في الغسل سنة، وليس بشرط؟
لو بطل الوضوء الذي في الغسل هل يبطل الغسل؟
السؤال: 398854
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
من السنة أن يتوضأ الإنسان في بداية غسله، سواء كان الغسل للجنابة أو للحيض؛ لما روى مسلم (316) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ”.
وروى أو داود (314) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ أَسْمَاءُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: ” يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَيْفَ تَغْتَسِلُ إِحْدَانَا إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ؟
قَالَ: (تَأْخُذُ سِدْرَهَا وَمَاءَهَا فَتَوَضَّأُ، ثُمَّ تَغْسِلُ رَأْسَهَا، وَتَدْلُكُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ أُصُولَ شَعْرِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَى جَسَدِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَتَهَا فَتَطَّهَّرُ بِهَا).
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا.
قَالَتْ: عَائِشَةُ فَعَرَفْتُ الَّذِي يَكْنِي عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهَا: تَتَبَّعِينَ بِهَا آثَارَ الدَّمِ. وصححه الألباني.
والفرصة: قطعة من قماش أو قطن تطيب بالمسك.
ثانيا:
لو أخطأ الإنسان في هذا الوضوء فترك فرضا منه، لم يؤثر ذلك على صحة غسله، فحيث عمم جسده بالماء مع النية صح غسله.
ثالثا:
الترتيب فرض بين أعضاء الوضوء، وليس بين الأذنين والرأس ترتيب؛ لأن الأذنين من الرأس، لما روى ابن ماجه (443) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ) والحديث مختلف في صحته، وقد صححه الألباني رحمه الله في “صحيح ابن ماجه”.
قال في “منتهى الإرادات” (1/47): “وَمَسْحُ الرَّأْسِ كُلِّهِ، وَمِنْهُ الْأُذُنَانِ” انتهى.
وليعلم أن مسح الأذنين سنة عند الجمهور، خلافا للحنابلة، لكن المنقول عن أحمد رحمه الله فيمن ترك مسح الأذنين: أن وضوءه يجزئه .
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (1/90): ” والأذنان من الرأس , فقياس المذهب وجوب مسحهما مع مسحه.
وقال الخلال : كلهم حكوا عن أبي عبد الله، فيمن ترك مسحهما عامدا أو ناسيا: أنه يجزئه؛ وذلك لأنهما تبع للرأس , لا يفهم من إطلاق اسم الرأس دخولهما فيه , ولا يشبهان بقية أجزاء الرأس , ولذلك لم يجزه مسحهما عن مسحه عند من اجتزأ بمسح بعضه.
والأولى مسحهما معه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسحهما مع رأسه , فروت الربيّع , أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه , ما أقبل منه وما أدبر، وصدغيه وأذنيه مرة واحدة . وروى ابن عباس , أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما . وقال الترمذي : حديث ابن عباس وحديث الربيع صحيحان ” انتهى .
وينظر: “الموسوعة الفقهية” (43/364).
والحاصل: أن غسلك صحيح، ولو صليت به من غير وضوء آخر: صحت صلاتك.
على أن وضوءك أيضا صحيح، ولو تركت مسح الأذنين، أو أخللت بترتيب مسحهما مع مسح الرأس.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب