أدرس في كلية الطب ، وفيما يتعلق بدراستي فتواجهني بعض المشكلات وهي :
1/ تحتوي كتبي على صور للرجال والنساء ، هل دراسة مثل هذه الصور تتعارض مع الحجاب ؟
2/ يجب علينا في الاختبارات رسم أجزاء معينة من جسد الجنس البشري وليس كل الجسد ، أعرف أن هنالك حديثا يقول بأن المصورين في النار ، ولكنني لست متأكدا إن كان ذلك مسموحا لأغراض تعليمية ؟
أرجو نصحي لأنني لا أريد أن أخالف الشريعة .
استعمال الرسم والتصوير في تعليم الطب
السؤال: 40054
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحمد للّه
من المعلوم في شريعتنا أن الأصل في الرسم والتصوير لذوات الأرواح هو المنع والتحريم ، لما جاء في ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تنهى عنه وتحذر منه ، وقد سبق تقرير ذلك في موقعنا في العديد من الإجابات ، انظر منها جواب السؤال رقم (7222) .
ومن المعلوم في قواعد الفقه المتفق عليها أن الضرورات تبيح المحظورات ، وأن الحكم قد ينتقل من التحريم إلى الجواز إذا ترتب عليه تحقيق ضرورة من الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها : الدين والنفس والبدن والعرض والمال .
ولما كان علم الطب من العلوم الضرورية التي يحتاج إليها الناس ، حتى عده بعض العلماء من فروض الكفاية ، ترتب على ذلك تجويزُ بعضِ ما الأصلُ فيه التحريمُ والمنعُ لتحقيق هذه الفريضة الكفائية .
قال النووي رحمه الله في “روضة الطالبين” (1/223) :
” وأما العلوم العقلية فمنها ما هو فرض كفاية كالطب ” انتهى .
بل نقل موفق الدين البغدادي في كتابه “الطب من الكتاب والسنة” (187) عن الإمام الشافعي أنه قال :
” لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب ” انتهى .
والطبيب – وإن كان لا يعالج النساء إلا لحاجة – فهو معرض لعلاج كلا الجنسين ، فقد لا تتيسر المرأة الطبيبة في التخصص المعين أو البلد المعين ، كما أن علم الطب يعتمد أساسا على فهم طبيعة تركيب الجسم البشري ، وخصائص الأعضاء ، وتفصيلات الوظائف الحيوية لكل منها ، وبقدر ما يتحقق فهم ذلك يتحسن أداء علم الطب البشري ، وينجح في تخليص الناس من الآفات والأمراض .
ولذلك لا حرج على الطبيب من دراسة الرسومات التي تبين تشريح بدن الإنسان ، سواء كان ذلك للرجال أو النساء ، كما لا حرج إن شاء الله من استخدام الرسم في امتحان طلبة الطب والعلوم الحياتية ، كي يساعد ذلك على الفهم الدقيق ومعرفة مستوى إتقان الطالب لهذا العلم المهم .
وقد جاء في شريعتنا جواز مداواة النساء للرجال إذا وجدت الضرورة .
فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت : ( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَسقِي وَنُدَاوِي الجَرحَى وَنَرُدُّ القَتلَى إِلَى المَدِينَةِ ) رواه البخاري (2882) .
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث في “فتح الباري” (6/52) :
” فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية للرجل الأجنبي للضرورة ” انتهى .
كما جاء في شريعتنا ما يدل على جواز تصوير الصور والتماثيل للعب الأطفال ، لما يحتاجه الصغار من لهو ولعب وتعليم وتأديب . وانظر جواب السؤال رقم (9473) .
كما جاء في فتاوى العلماء ما يدل على جواز التصوير للحاجة من إخراج صور لمعرفة “هوية” الشخص ونحو ذلك ، انظر جواب السؤال : (34904) ، (39806)
وأما تصوير ورسم أجزاء من الجسم منفصلة ، كالرأس أو الصدر ، فيرى كثير من العلماء جوازه ، وانظر جواب السؤال رقم (13633) .
وجميع ما سبق يدل – من باب أولى – على جواز استعمال الرسوم والصور في دراسة علوم الطب وما يتعلق بها .
وقد سبق أيضا في موقعنا الفتوى بنحو ذلك في جواب السؤال رقم (10228) ، (13716) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة