هل يجوز لأم الطفل القاصر التصرف بالمال كاكتتاب أو دخول جمعية شهرية بدون علم الولي الشرعي له؟ وهل يجوز أن يشارك بمصروف المنزل مع أهله؛ لأن له راتبا شهريا؟
ما حكم تصرف الأم في مال الصغير دون علم الولي الشرعي؟
السؤال: 404145
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الولاية على الصبي في ماله: للأب، ثم لوصيه [وهو من أوصى له الأب أن يكون ولياً على أولاده بعد موت الأب] ثم للقاضي، ولا ولاية للأم عند الجمهور.
قال في “كشاف القناع” (3/446): ” وتثبت الولاية على صغير ومجنون، ذكر أو أنثى: لأب، ثم بعد الأب: لوصيه العدل، ثم إن لم يكن أب ولا وصيه، أو كان الأب موجودا وفقد شيئاً من الصفات المعتبرة فيه: ثبتت الولاية عليهما للحاكم؛ لأن الولاية انقطعت من جهة الأب فتكون للحاكم ، لأنه ولي من لا ولي له ، فيقيم الحاكم أمينا في النظر لليتيم والمجنون ، والجد والأخ والأم وسائر العصبات لا ولاية لهم” انتهى بتصرف.
وقال في “نهاية المحتاج” (4/375): “ولا تلي الأم في الأصح، قياسا على النكاح .
والثاني [أي القول الثاني] : تلي بعد الأب والجد، وتقدم على وصيهما؛ لكمال شفقتها .
ومثلها في عدم الولاية: سائر العصبة، كأخ وعم .
نعم ، لهم الإنفاق من مال الطفل في تأديبه وتعليمه، وإن لم يكن لهم عليه ولاية ; لأنه قليل، فسومح به . ومحله: عند غيبة وليه؛ وإلا، فلا بد من مراجعته فيما يظهر” انتهى.
فليس للأم التصرف في مال الصبي، ولا ولاية لها.
وإذا وجد الأب أو وصيه أو من عينه القاضي: فليس للأم أن تتصرف في ماله- من باب أولى- لا في اكتتاب، ولا في دخول جمعية شهرية، ولا غير ذلك.
ثانيا:
لا يجوز للولي أن يتصرف في مال من تحت ولايته إلا بمقتضى المصلحة الراجحة له.
قال في “شرح منتهى الإرادات” (2/175): ” (وحرُم تصرف ولي صغير، وولي مجنون وسفيه إلا بما فيه حظٌّ للمحجور عليه؛ لقوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، والسفيه والمجنون في معناه.
وإذا تبرع الولي بصدقة أو هبة، أو حابى، بأن باع من مال موليه بأنقص من ثمنه، أو اشترى له بأزيد، أو زاد، في الإنفاق على نفقتهما، أي الصغير والمجنون، بالمعروف، أو زاد في الإنفاق على من تلزمهما مؤنته بالمعروف: ضَمِن ما تبرع به، وما حابى به، والزائدَ في النفقة؛ لتفريطه ” انتهى.
وقال الخطيب الشربيني في “مغني المحتاج” (3/151): “ويتصرف له [يعني: اليتيم] الولي بالمصلحة، وجوباً، لقوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وقوله تعالى: (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ)، فالتصرف الذي لا خير فيه ولا شر: ممنوع منه، إذ لا مصلحة فيه وهو كذلك.
ويجب على الولي حفظ مال الصبي عن أسباب التلف، واستنماؤه [استثماره] قدر ما تأكله المؤن، من نفقة وغيرها، إن أمكن” انتهى بتصرف.
ثالثا:
يجوز للقائم على أمر اليتيم أن يخلط ماله بماله، في الطعام والشراب، دفعا للحرج.
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة/220.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/582): ” قوله: قل إصلاح لهم خير أي: على حدة وإن تخالطوهم فإخوانكم أي: وإن خلطتم طعامكم بطعامهم وشرابكم بشرابهم، فلا بأس عليكم؛ لأنهم إخوانكم في الدين؛ ولهذا قال: والله يعلم المفسد من المصلح أي: يعلم من قصده ونيته الإفساد أو الإصلاح.
وقوله: ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم أي: ولو شاء لضيق عليكم وأحرجكم، ولكنه وسع عليكم، وخفف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن، كما قال: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن [الأنعام: 152] ” انتهى.
والأصل أن ينفق على الصغير من ماله، فيؤخذ منه قدر طعامه وشرابه وأجرة سكنه، فلا حرج على الولي لو أخذ من راتب الصبي قدر ذلك، وخلطه بماله ثم أنفق منه .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب